حديث معاوية بن أبي سفيان 39
مستند احمد
حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا أبو بكر، عن عاصم، عن أبي صالح، عن معاوية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات بغير إمام [ص:89] مات ميتة جاهلية»
أُمورُ النَّاسِ وحَياتُهم لا تَستَقيمُ إلَّا بوُجودِ إمامٍ؛ حَتَّى يُنَفِّذَ أحكامَ الشَّرعِ، ويَضبِطَ تَصَرُّفاتِ الرَّعيَّةِ، فتَركُ النَّاسِ بلا راعٍ يُؤَدِّي إلى فسادٍ كَبيرٍ مِن قَتلٍ وسَفكٍ للدِّماءِ ونَهبٍ للأموالِ واستِباحةٍ للأعراضِ؛
ولهذا جاءَتِ الشَّريعةُ بنَصبِ إمامٍ للمُسلمينَ، يُسمَعُ له ويُطاعُ، ولا يُخرَجُ عليه، وحَذَّرَتِ الشَّريعةُ مِنَ الخُروجِ على الإمامِ؛ لِما يَتَرَتَّبُ على ذلك مِنَ المَفاسِدِ العَظيمةِ، ولا يَنزِعُ المَرءُ يَدَه مِن بَيعةِ الإمامِ وإن رَأى ما يَكرَهُه؛ فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: مَن ماتَ بغَيرِ إمامٍ، أي: لَم يَكُنْ تَحتَ بَيعةِ سُلطانٍ يَسمَعُ له ويُطيعُ، ماتَ مِيتةً جاهليَّةً، أي: ماتَ على الضَّلالةِ، كمَوتِ أهلِ الجاهليَّةِ؛ لأنَّ أهلَ الجاهليَّةِ لَم يَكونوا مُتَمَسِّكينَ بطاعةِ أميرٍ، ويَعُدُّونَ ذلك سَفاهةً ودَناءةً، وكان القَويُّ مِنهم يَأكُلُ الضَّعيفَ، ولَم يُرِدْ أنَّه يَموتُ كافِرًا، بَل عاصيًا. والمَعنى: أنَّ مَن خَرَجَ عن طاعةِ الإمامِ ثُمَّ ماتَ فهو كأهلِ الجاهليَّةِ. وقيلَ في مَعنى الحَديثِ: ليس له إمامٌ، يُريدُ به النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إمامُ أهلِ الأرضِ في الدُّنيا، فمَن لَم يَعلَمْ إمامَتَه أوِ اعتَقدَ إمامًا غَيرَه مُؤثِرًا قَولَه على قَولِه ثُمَّ ماتَ، ماتَ مِيتةً جاهِليَّةً
وفي الحَديثِ الزَّجرُ والتَّحذيرُ الشَّديدُ لمَن يَموتُ بغَيرِ إمامٍ