حديث معاوية بن أبي سفيان 57
مستند احمد
حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حريز بن عثمان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، عن أبي هند البجلي، قال: كنا عند معاوية وهو على سريره وقد غمض عينيه، فتذاكرنا الهجرة، والقائل منا يقول: قد انقطعت، والقائل منا يقول: لم تنقطع، فاستنبه معاوية، فقال: ما كنتم فيه؟ فأخبرناه، وكان قليل الرد على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: تذاكرنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها»
للهِجْرَةِ فَضْلٌ وشأنٌ عَظيمٌ في الإسلام، وقدْ حَثَّ عليها الشَّرْعُ الحَنِيفُ، وَرَغَّبَ فيها، ومَدَحَ مَنْ فَعَلَها
وفي هذا الحديثِ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "لا تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ"، أي: الخُروج من دارِ الكُفْرِ إلى دَارِ الإيمان، ثُمَّ أَرْدَفَ صلَّى الله عليه وسلَّم بِتأكيدِ المعنى، فقال: "حتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ"، أي: عندما لا يُقْبَلُ رُجوعُ مُسْتَدْرِكٍ على نَفْسِهِ، "ولا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمسُ من مَغْرِبها"، أي: عِندما تَطْلُعُ الشَّمسُ من مَغْرِبها، وهذا مِن علاماتِ السَّاعة، فلا تُقْبَلُ تَوْبَةُ تائِبٍ
وقد ثَبَتَ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال بعدَ فَتْحِ مَكَّة: ((لا هِجرةَ بعدَ الفَتحِ))؛ فقِيلَ: إنَّ حَديثَ نَفْيِ الهِجْرَةِ بعدَ الفَتْحِ، هو في الخُروجِ من مَكَّةَ إلى المَدينةِ بعدَ الإسلامِ، ومعناه: لا هِجرةَ مِن مَكَّةَ؛ لأنَّها صارتْ دارَ إسلامٍ، أو معناهُ: لا هِجرَةَ فَضلُها كفَضلِ الهِجرةِ قَبلَ الفَتْحِ
وفي الحديثِ: استمرارُ الهِجْرَةِ إلى الله بِهَجْرِ الكُفْرِ إلى الإيمان
وفيه: انْقِطاعُ التَّوْبَةِ بعد طُلوعِ الشَّمس من مَغْرِبها