ضمة القبر وضغطته
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، قال: حدثنا ابن إدريس، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفا من الملائكة، لقد ضم ضمة، ثم فرج عنه»
كان لسَعدِ بنِ مُعاذٍ رَضِي اللهُ عَنه مَزيدُ فَضْلٍ في الإسلامِ عُرِفَ ومُيِّزَ به، ومع ذلك ضُمَّ في قَبرِه
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لذلك ولبعضِ فَضائلِه، حيث يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "هذا الَّذي"، أي: سعدُ بنُ مُعاذٍ رَضِي اللهُ عَنه، "تحرَّكَ له العرشُ"، والمراد به عرش الرحمن جل جلاله، كما في رِوايةٍ أخرى: "اهتَزَّ عرشُ الرَّحمنِ لموتِ سَعدِ بنِ مُعاذٍ"، وهو اهتزازٌ معلومُ الحُدوثِ، ولكنَّه مجهولُ الكيفيَّةِ، وكان البراءُ بنُ عازبٍ وعبدُ اللهِ بنُ عُمرَ قد فسَّرَا العَرشَ بأنَّه السَّريرُ الَّذي حُمِلَ عليه سَعدُ بنُ مُعاذٍ، ولكِنَّ الثابتَ في الرِّواياتِ الصَّحيحةِ أنَّه عرشُ الرَّحمنِ
"وفُتِحَتْ له أبوابُ السَّماءِ"، أي: فرَحًا بقُدومِ سَعدٍ وصُعودِ رُوحِه، "وشهِدَه"، أي: في تَشييعِ جِنازتِه، "سبعونَ ألفًا مِن الملائكةِ"، ومع كلِّ هذا الفَضْلِ لسَعْدٍ رَضِي اللهُ عَنه، ومع ذلك قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لقد ضُمَّ ضمَّةً"، أي: ضُغِط عليه قَبْرُه، وفي روايةٍ: "اختلَفَتْ منها أضلاعُه"، وهذا بيانٌ لعَظيمِ شِدَّتِها عليه، "ثمَّ فُرِّجَ عنه"، أي: ثمَّ فرَّجها اللهُ عنه ووسَّع عليه
وهذه الضَّمَّةُ والضغطة ليستْ مُختصَّةً بسَعْدِ بنِ مُعاذٍ دونَ غيرِه، كما أخرَج ابنُ حِبَّانَ وغيرُه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "للقَبرِ ضَغْطةٌ لو نَجا منها أحدٌ لنَجا منها سَعدُ بنُ مُعاذٍ"؛ فهي للصَّالحِ والطَّالحِ، ولكِنِ الفرقُ دوامُها للكافرِ، وما مِن أحَدٍ إلَّا وقد أَلَمَّ بذَنْبٍ ما، فتُدرِكُه هذه الضَّغطةُ جزاءً له، ثمَّ تُدرِكُ الرَّحمةُ مَن شاءَ اللهُ تعالى مِن عِبادِه المُؤمنِينَ
وفي الحديثِ: فَضلٌ ومنقَبةٌ لسَعْدِ بنِ مُعاذٍ