كتاب تقصير الصلاة في السفر 6
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو عوانة، عن يحيى بن أبي إسحق، عن أنس، قال: «خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فلم يزل يقصر حتى رجع فأقام بها عشرا»
منْ رحمةِ اللهِ تعالى بعِبادِه أنْ شَرَع لهم في السَّفرِ أحكامًا خاصَّةً تتناسَبُ مع المشقَّةِ الَّتي يُعانُونَها في سفَرِهِم، ومِنْ هذه الأحكامِ قصرُ الصَّلاةِ. صحيح الترمذي
وفي هذا الحديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "خرَجْنا"، أي: الصَّحابةُ، "مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم" في سفَرٍ، قيلَ: هو حِجَّةُ الوَداعِ، "مِنَ المدينةِ إلى مكَّةَ"، أي: خارِجينَ منَ المدينةِ المنوَّرةِ ومتوجِّهينَ إلى مكَّةَ المكرَّمةِ، "فصلَّى" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالنَّاسِ، "ركعتَينِ" قَصْرًا في الرُّباعيَّةِ. ... "قال" أبو إسحاقَ الحضرَميُّ: قلْتُ "لأنَسِ" بنِ مالكٍ: "كم"، أي: كم يومًا، "أقامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بمكَّةَ؟ " في حِجَّةِ الوداعِ، "قال" أنسُ بنُ مالكٍ: "عَشْرًا"، أي: عَشْرةَ أيَّامٍ، ولم يَقُمِ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم العَشرَ التي أقامَها لحجَّةِ الوداع بموضعٍ واحدٍ كما في رواياتِ حَجَّتِه؛ لأنَّه دخَل مكَّةَ يومَ الأحدِ لصُبحِ رابعةٍ مِن ذي الحجة، وخرَج منها صبيحةَ الخميسِ، فأقام بمنًى، والجُمُعةَ بنَمرة وعَرَفات، ثم عاد السَّبتَ إلى مِنًى لقضاءِ نُسكِه، ثم بمكَّةَ لطوافِ الإفاضة، ثم بمنًى يومَه فأقامَ بها بقيَّتَه، والأحد والاثنين والثلاثاء إلى الزوال، ثم نفَر فنزَل بالمحصِّب وطاف في ليلتِه للوداعِ، ثم رحَل قبلَ صلاةِ الصُّبحِ، في الرابع عشرَ؛ فتكون مُدَّةُ الإقامةِ بمكَّة وضواحيها عشرةَ أيَّام بليالِيها، وكانتْ إقامتُه متفرِّقةً، وكان يَقصُر فيها الصَّلاةَ