فضائل بلال 2
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن ثابت
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد أوذيت في الله، وما يؤذى أحد، ولقد أخفت في الله، وما يخاف أحد، ولقد أتتعلي ثالثة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد، إلا ما وارى إبط بلال" (1).
رأَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن البلاءِ ما تَضعُفُ معه النُّفوسُ، وتَخورُ معه العَزائِمُ، وتَذهَبُ معه القُوى، فكان صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَصبِرُ ويحتَسِبُ، راجيًا أن يُتِمَّ اللهُ هذا الدِّينَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لقد أُخِفتُ"، أي: لقد أخافَني المشرِكون واضطهَدوني وحارَبوني وحاوَلوا قتلي، "في اللهِ"، أي: في سَبيلِ اللهِ وأنا أدْعو إلى دِينِ اللهِ، "وما يُخافُ أحَدٌ"، أي: قَبلَ أن يُخيفوا أحدًا غيري أو يَضطَهِدوا أحدًا غيري، "ولقد أُوذيتُ في اللهِ"، أي: ولقد لَحِقني الأذى في سبيلِ اللهِ، وأنا أدعو إلى دِينِ اللهِ حيثُ أصابني من المشرِكين الضربُ والتسفيهُ والإيذاءُ وضيَّقوا عليَّ، "وما يُؤذَى أحدٌ"، أي: وما نال أحدًا الأذى غيري، وهذا في بدايةِ الإسلامِ، "ولقد أتَت علَيَّ ثلاثون مِن بينِ يومٍ وليلةٍ"، أي: ولقد مرَّ علَيَّ ثلاثونَ يومًا بلَياليهنَّ، "وما لي ولبِلالٍ طعامٌ"، أي: وليس معَنا طعامٌ أنا وبلالُ بنُ رَباحٍ، "يَأكُلُه ذو كَبِدٍ"، أي: يأكلُه مخلوقٌ حيٌّ له كبدٌ، "إلَّا شيءٌ يُواريه إبْطُ بلالٍ"، أي: وليس معَنا إلَّا طعامٌ قليلٌ يَستُرُه بلالٌ تَحتَ إِبْطِه مِن قِلَّتِه.
وفي الحديثِ: بيانُ ما نال النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن البلاءِ.
وفيه: التَّحدُّثُ بالبَلاءِ الَّذي وقَع بالإنسانِ؛ لِشُكرِه اللهَ سبحانه وتعالى، وتَوفيقِه في الصَّبرِ عليه، وليس مِن بابِ الشِّكايةِ.