ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه 2

سنن النسائي

ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه 2

 أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم، قال حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة، عن عطاء وهو ابن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " لما نزلت هذه الآية {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} [الأنعام: 152] و {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} [النساء: 10]، قال: " اجتنب الناس مال اليتيم وطعامه، فشق ذلك على المسلمين، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير} [البقرة: 220]- إلى قوله - {لأعنتكم} [البقرة: 220] "

أوصى الشَّرعُ الحكيمُ برِعايةِ الأيتامِ وحِفْظِ أموالِهم، ونَظَّمَ أُمورَ القِيامِ على أموالِ اليَتامَى؛ حِفاظًا عليها ورِعايةً لمصلحتِهم، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يُخبِرُ عمرُو بنُ شُعيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه رَضِي اللهُ عنه قالَ: "جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال: لا أجِدُ شيئًا، وليس لي مالٌ"، وهذا كِنايةٌ عن فَقْرِه وحاجَتِه، "ولي يَتيمٌ له مالٌ"، أي: إنَّه وَلِيٌّ ووصيٌّ ليتيمٍ عِندَه، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "كُلْ مِن مالِ يَتيمِك، غيرَ مُسرِفٍ"، أي: أنفِقْ مِن مالِ هذا اليتيمِ غيرَ مُفْرِطٍ ومُتصرِّفٍ فوقَ الحاجةِ، "ولا مُتأثِّلٍ مالًا"، أي: غيرَ جامِعٍ مالًا مِن مالِ اليتيمِ، مثلُ: أن يتَّخِذَ مِن مالِ اليتيمِ رأْسَ مالٍ فيُتاجِرَ فيه لنَفسِه دونَ اليتيمِ، فإذا بلَغ أعطاه رأسَ مالِه وأخَذَ الرِّبْحَ لنَفسِه، قال الرَّاوي: "وأحسَبُه قال"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم زادَ بقولِه: "ولا تَقِي مالَك بمالِه"، أي: بأن تَقضِيَ حاجَتَك بمالِ اليتيمِ دونَ مالِك
وقد أوجَب الشَّرعُ على مَن قامَ بالوِصايةِ على الأيتامِ أن يُحسِنَ رِعايتَهم وتربيَتَهم، وإذا كان لهم أموالٌ أن يُحسِنَ حِفظَها وتَنميَتَها، وأن يؤدِّيَ زَكاتَها وإن كان غنيًّا فالأَوْلى له أن يَستعفِفَ عن أموالِهم، وإن كان فقيرًا أن يَأكُلَ بالمعروفِ، وقد قال اللهُ تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]، وإنْ كان عامِلًا بأموالِهم أن يَأخُذَ أُجرَةَ المِثْلِ، هذه أحكامُ الشَّرعِ، وهي غايةٌ في الحِكْمةِ والعَدْلِ
وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ أكْلِ الوليِّ الفقيرِ مِن مالِ اليتيمِ الَّذي في حجْرِه بالمعروفِ
وفيه: التَّحذيرُ مِن إهلاكِ أموالِ اليَتامى بأيِّ صورةٍ