ما يفعل من أهل بالحج وأهدى

سنن النسائي

ما يفعل من أهل بالحج وأهدى

أخبرنا محمد بن رافع، عن يحيى وهو ابن آدم عن سفيان وهو ابن عيينة قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نرى إلا الحج، قالت: فلما أن طاف بالبيت وبين الصفا والمروة قال: «من كان معه هدي فليقم على إحرامه، ومن لم يكن معه هدي، فليحلل»

التَّمتُّعُ في الحجِّ هو أنْ يَنويَ الحاجُّ عُمرةً معَ حَجَّتِه، فإذا قدِمَ مكَّةَ واعتَمرَ وانْتَهى مِن عُمرتِه، تَحلَّلَ من إحْرامِه، وتَمتَّعَ بكلِّ ما هو حَلالٌ، حتَّى تَبدأَ مَناسِكُ الحجِّ يومَ الثَّامنِ مِن ذِي الحِجَّةِ
وَفي هذا الحَديثِ تَذكُرُ أسْماءُ بنتُ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عَنهما جانبًا ممَّا حدَثَ في حَجَّةِ الوَداعِ، فتُخبِرُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّهم خَرَجوا مُحرِمينَ بالحجِّ في العامِ العاشِرِ منَ الهِجرةِ، فلمَّا قدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مكَّةَ وطافَ بالبيتِ وسَعى بالصَّفا والمَرْوةِ، أمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصْحابَه الَّذينَ كان مَعَهمُ الهَديُ -وهو اسمٌ لكلُّ ما يُهْدَى إلى الكَعبةِ منَ الأنْعامِ الإبِلِ والبَقرِ والغَنمِ قُربةً إلى اللهِ- فلْيَظَلَّ عَلى إحْرامِه حتَّى يَحِلَّ بعدَ الوُقوفِ بعَرَفةَ ونِهايةِ أعْمالِ الحجِّ، ويَكونُ قدْ قرَنَ بيْنَ العُمرةِ والحجِّ، وأمَّا مَن لم يكُنْ مَعَه هَديٌ فلْيَتحلَّلْ بعُمرةٍ، ثُمَّ يَنتظِرْ ويَظلَّ مُتمتِّعًا إلى يَومِ التَّرْويةِ الثامِنِ من ذي الحِجَّةِ فيُحرِمُ بالحجِّ، فيكونُ مُتمتِّعًا
وأخبَرَتْ أسْماءُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها كانت ممَّن لم يكُنْ معَه هَديٌ، فكانت ممَّن تَمتَّعوا بعُمرةٍ، وكانَ زَوجُها الزُّبيرُ بنُ العوَّامِ رَضيَ اللهُ عنه ممَّن ساقَ الهَديَ، فبَقيَ على إحْرامِه، وبعدَ أنْ تَحلَّلَتْ من إحْرامِها لَبِستْ ثيابَها، ولعلَّ المرادَ: ثيابُ زينَتِها، وإلَّا فالنِّساءُ ليس لهُنَّ المنعُ منَ المَخيطِ في إحْرامِهنَّ، ويؤيِّدُ ذلك ما رُويَ عندَ النَّسائيِّ: «وتَطيَّبتُ من طِيبي»، فخرَجَتْ رَضيَ اللهُ عنها من خَيْمتِها، فجلَسَتْ إلى جانبِ زَوجِها الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ رَضيَ اللهُ عنه، فأمَرَها أنْ تَقومَ وتَبتعِدَ عنهُ، وفي رِوايةٍ لمُسلمٍ: «اسْتَرْخي عنِّي، اسْتَرْخي عنِّي»، أي: تَباعَدي، وكأنَّه رَضيَ اللهُ عنه خَشِيَ أنْ يَأتيَ ما يَحرُمُ على المُحرمِ مِن لَمسٍ بشَهوةٍ أو نَحوِه، فقالتْ رَضيَ اللهُ عنها مُنكِرةً عليه: «أَتَخْشَى أَنْ أَثِبَ عَلَيكَ؟!»، أي: أهجُمَ وأُلْقيَ بنَفْسي عليكَ؟! وتَعني: لا تَعتقِدْ أنِّي جئتُ لأُفسِدَ عليكَ حجَّتَكَ، أو أنَّها تُسبِّبُ أنْ توقِعَه في بعضِ مَحظوراتِ الإحْرامِ
وفي الحَديثِ: مَشْروعيَّةُ التَّمتُّعِ بعُمرةٍ في أشهُرِ الحجِّ
وفيه: أنَّ المُتمتِّعَ الَّذي لم يسُقِ الهَديَ إذا تَحلَّلَ بعَملِ العُمرةِ؛ فقدْ حلَّ له ما كان يُحظَرُ عليه بإحْرامِه إلى أنْ يُهِلَّ بالحجِّ