باب ماجاء في صلاة رمضان
بطاقات دعوية
عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس يتحدثون بذلك فاجتمع أكثر منهم فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الليلة الثانية فصلوا بصلاته فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطفق رجال منهم يقولون الصلاة فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى خرج لصلاة الفجر فلما قضى الفجر أقبل على الناس ثم تشهد فقال أما بعد فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها. وفي رواية: وذلك في رمضان. (م 2/ 178
كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمؤمنينَ رَؤوفًا رَحيمًا، وهذا الحديثُ يُوضِّحُ جانبًا مِن شفَقتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أُمَّتِه، وهو خَشيتُه أنْ تُفْرَضَ صَلاةُ اللَّيلِ ثمَّ يَعجِزَ الناسُ عنها، وفيه تُخبِرُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ ذاتَ لَيلةٍ بعْدَ مُنتصَفِ اللَّيلِ، «فصَلَّى في المسجِدِ، فصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ»، فصَلَّوا معه مَأمومِينَ، فأصبَحَ الناسُ فتَحدَّثوا فيما بيْنَهم عن صَلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللَّيلِ في المسجدِ، فاجتمَعَ أكثرُ منهم مُنتظِرينَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فصَلَّوا معه، وكثُروا لَيْلةً بعْدَ أُخرى، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرى ويَعلَمُ هذا، فلمَّا كانتِ اللَّيلةُ الرابعةُ، امتلَأَ المسجِدُ عن آخِرِه حتَّى ضاقَ بالمصَلِّينَ، فلمْ يَخرُجِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلصَّلاةِ معهم في اللَّيلِ، بلِ انتَظَر حتَّى خرَجَ لصَلاةِ الصُّبحِ، فلمَّا قَضَى الفَجرَ استقبَلَ الناسَ بوجْهِه واستدارَ لهم، فتَشهَّدَ بشَهادةِ التَّوحيدِ، ثمَّ قال للنَّاسِ موَضِّحًا ومُعلِّمًا: «أمَّا بعدُ؛ فإنَّه لم يَخْفَ علَيَّ مكانُكُم، لكنِّي خَشيتُ أنْ تُفرَضَ عليكم، فتَعجِزوا عنها»، أيْ: إنِّي كنتُ أعلَمُ بوُجودِكم في المسجدِ للصَّلاةِ معي في جَوفِ اللَّيلِ، ولكنَّني أخافُ أنْ يَفرِضَها اللهُ عليكم فتَكونَ ثَقيلةً فتَعجِزوا عنها وتَترُكوها، فيَكونَ في ذلك المشقَّةُ والضَّررُ مع الإثمِ والمَعصيةِ.