محاضرة 17
بطاقات دعوية
المحاضرة ال 17
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
هذه المحاضرة هى السابعة عشرة من علم العقيدة ومازال الحديث متصلاً والموقظةَ العاشرة وقد بينت فى المحاضرة السابقة عدة أمورٍ أذكر منها :-
بينت أنه من أدعى ماليس له فهى كبيرةٌ من الكبائر
بينت أن من أدعى تضمن نسبة الشىء لنفسه أو إنكار الشىء
بينت معنى ( وليتبوأ مقعده من النار )
كذلك بينت أن عدم توقير الكبير كبيرة من الكبائر
وكذلك عدم رحمة الصغير كبيرة من الكبائر
وكذلك منع العالم من حقه كبيرة من الكبائر
بينت أنه لا تكفيرَ قبل إقامة الحجة
بينت وجوب توفر الشروط وإنتفاء الموانع قبل تكفير المعين مثل :-
ثبوت االعقل
والعلم
والتذكر
والقدرة
والإختيار
والنية
كذلك بينت الأدلة من كتاب الله عز وجل على وجوب إقامة الحجة قبل إنزال الحكم على المعين.
بينت الفارق الكبير بين :-
سبب العذاب وشرط العذاب
فسبب العذاب المعصية وليس كافيا لإنزال العذاب على من أتى هذه المعصية.
بل لابد من ثبوت شرط العذاب ألا وهو إقامة الحجة .
واليوم إن شاء الله نبدأ من بيان موقف أئمةُ الهدى من إقامة الحجة قبل الحكم
سأذكر كلاماً لابن قيم الجوزية وكلاماً لشيخه ابن تيميةt إنهما يعبران عن مذهب أهل السنة والجماعة لذلك أقول :-
أولا / قال ابن القيم رحمه الله ( وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل )[1]
انظر إلى هذا الكلام وكيف رُكب
وأما كُفر الجهل أى أقوال الكفر أفعال الكفر التى هى ناتج الجهل ثم قال مع عدم قيام الحجة أى أن قول الكفر وفعل الكفر قبل قيام الحجة أوعدم التمكن من معرفتها فهذا الذى نفى الله التعذيب عنه أى أن الله عز وجل نفى العذاب عن هؤلاء الذين جاءوا بسبب العذاب ولكن لم يتوفر شرط العذاب ألا وهو قيام الحجة .
وفى كتاب أحكام أهل الذمة يقول ابن القيم رحمه الله ( أنه لا يعذب أحد إلا بعد قيام الحجة )
انظر إلى قوله لا يعُذب أحدٌ إذاً هذا جاء بسبب العذاب ولكن لم يتوفر شرط العذاب ألا وهو إقامة الحجة فطالما أن الحجة لم تقم على أى أحدٍ فمما لا شك فيه لا يمكن أن يصيبَه عذاب بمعنى يقع عليه إلا بعدها لا قبلها.
وقال فى موضع آخر من كتاب أحكام أهل الذمة ( ولكن إنتفاء العذاب عنهم لإنتفاء شرطه وهو قيام الحجة ).
إذا ابن القيم الجوزية رحمه الله يفرق بين شيئين
بين سبب العذاب وشرط العذاب
فسبب العذاب لايعنى أنه سيُعذب
لذلك مراراً وتكراراً أنبه على جزئية ألاوهى هناك فارق كبير بين قول الكفر وقائل الكفر
فرق كبير بين فعل الكفر وفاعل الكفر
فعياذاً بالله تعالى قول الكفر وفعل الكفر هذان هما سبب العذاب أما شرط العذاب فهذا يتعلق بالفاعل.
قال رحمه الله ( ولكن إنتفاء العذاب عنهم لإنتفاء شرطه وهو قيام الحجة عليهم فإن الله تعالى لا يٌعذب إلا من قامت عليه حجته ). أمرا فى غاية الأهمية.
وقال أيضارحمه الله (ومعتقد ذلك كافر حلال الدم بعد قيام الحجة )[2]
انظر إلى من لا ضمير له فى النقل انظر إلى كم من مفترى عياذا بالله ينقل هذا النقل كالآتى ( ومعتقد ذلك كافر حلال الدم) ثم يحذف قول ابن قيم الجوزية رحمه الله ( بعد قيام الحجة ) ثم يقولون أن السلفية مكفرة.
هذا البهت هم يعلمون علم اليقين أنهم هم الذين يُكفرون بلا ضابط وقد بينت ذلك عند الكلام عن الأشاعرة حتى إن مذهب من مذاهبهم أى فرقة منهم يقولون نحن نكفر من كفرنا سبحان ربى الأشاعرة يكفروننا قولاً واحداً ولكن نحن لانكفرهم ما علاقة هذا بهذا أمر فى غاية الغرابة ؛ أما ابن تيمية رحمه الله فقد قال فى الرد على البكرى (ومن أنكر ما ثبت بالتواتر والإجماع فهو كافر بعد قيام الحجة عليه) إذا شيخه ابن تيمية رحمه الله أيضا لا يُكفر أحداً أنكر شيئاً متواتراً أو مجمع عليه إلا بعد قيام الحجة ولا يسمى كافرا بأى وجه من الوجوه وإنما يسمى أنه جاء بكفر أن قوله قول كفر أن فعله فعل كفر هذا هو الى درج عليه الكبار مما لا شك فيه وهو المطابق لكتاب الله عزوجل المطابق لسنة نبينا ﷺ.
وقال فى الصفدية رحمه الله (وهو قول القائل أن معجزات الأنبياء صلى الله عليهم وسلم قوى نفسية (انتبه لهذا الكلام وهو قول القائل إذا يحكى قول القائل بعض الناس يقولون أن معجزات الأنبياء ما هى إلا قوى نفسية قال بعدها ) باطل بل هو كفرٌ) قال بل هو كافر والله ما قال هذا بل قال بل هو كفر أى القول الذى قالوه كفر يستتاب قائله ويبين له الحق فإن أصر على اعتقاده بعد قيام الحجة الشرعية عليه كفر أى عينا هذا هو ابن تيمية المفترى عليه الذى يقول لخصمائه لو قلت ما تقولون لكفرت ولكنى لا أكفركم هذه الهجمة الشرسة على أهل السنة والجماعة فى هذه الأيام بحول الله وقوته إن كان هناك إنصاف والله لنفضحنهم رجلا رجلا وامراءة امراءة لأن الأمر قد تعدى حدود الأمانة العلمية إلى الكذب البواح بل والتمويه على الحكام أنهم أهل سماحة وأنهم أهل عفو وأنهم وهم فى حقيقة الأمر يكفرون من يموهون عليهم ولكن فى النهاية أن السلفية هى المظلومة وأن السلفيين هم المظلومون وأنهم يقولون بخلاف ما ينقل هؤلاء الرعاء؛ قال ابن تيمية رحمه الله ما نصه( فهذه المقالات هى كفر) [3] هل قال القائلون بهذه المقال ؟ أم قال ( فهذه المقالات هى كفر) لكن ثبوت التكفير فى حق الشخص المعين موقوفٌ على قيامٍ الحجةِ ؛ أخبرونا ياقوم كيف يُتهم مثل هذا الرجل أو تُتهم السلفية الذين يتبعون النصوص الشرعية كتاباً وسنة ويتبعون أئمة الهدى؟
كيف يزعمون أنهم يكفرون يكفرون من ؟
أمرٌ فى غاية الغرابة؛الذى يؤكد لك أن التكفير قبل قيام الحجة لايتناسب أبداً إلا مع غضب الله عز وجل والله عزوجل كما جاء فى الحديث ( كتب على نفسه أن رحمتى غلبت غضبى) فممالاشك فيه من الرحمة ألا يُعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه وذلك على تفصيلٍ سيأتى إن شاء الله فى مكانه إذاً أثر الحكم لا يثبت أؤكد أثر الحكم لا يثبت فى حق المعين إلا بعد قام الحجة والتى بها نثبت :-
أولا / توفر الشروط ثانيا / أنتفاء الموانع
بل والله مجموع الأشياء التى يجب أن تتوفر فى المُقيم للحجة والمُقامةُ عليه الحجة أمرٌ فى غاية العجب ولكن مما لا شك فيه أذكر عنونة لهما على عجالة ؛ فأما الشروط التى يجب أن نتأكد أنها متوفرة فيمن قال كفرا أو فعل كفراً :-
الشرط الأول / لابد أن نثبت العقل له ولا يكون متحملاً بضد العقل كالجنون كالسُكر كالغضب أعنى الإغلاق لا يدرى ماذا يقول.
الشرط الثانى / ثبوت العلم لابد وأن يكون عالما بما يقول
ثبوت العلم
ينافى الجهل
وينافى التقليد
وينافى التأويل
ينافى الجهل فهذه واضحة ينافى التقليد لأن المقلد جاهل بإجماع أمة محمد ﷺ كما نقل ذلك الشافعى وأحمد ونقله السيوطى ونقله الشوكانى ونقله جمهرة كبيرة جدا من أهل العلم كما بينت ذلك فى علم أصول الفقه وأما التأويلُ فأمرٌ معلوم إذاً هذا رجلٌ يجتهد فأوّل تأويلاً سائغاًعنده ويقولُ بأنه حقٌ فإن الأشاعرةَ مثلا يقولون بأن الله لا هو فوق السماء ولا هو تحت السماء
طيب لما قلتم هذا ؟ هم يقصدون التنزيه وإن أخطأواالطريق هذه مسألة آخرى ومما لا شك فيه التأويلُ يمنعُ التفسيقَ ويمنع التكفيرَ قبل قيامٍ الحجة فإن قامت عليه الحجة وأخرص ولم يستطعَ أن يدفعَ هذه الحجة وجب عليه أن يعودَ إلى جادة الصواب وإلا رُمى بالكفرِعيناً عياذاً بالله تعالى
الشرط الثالث / ثبوتُ التذكر لأن قائل الكفر أو فاعل الكفر قد يكون مخطئاً قد يكون ناسياً قد يكون ذاهلاً والفرقُ بين الذهولُ والنسيانُ كبير ؛ فإن النسيان المعلومة عندك ولكن نسيتها لذلك لو تذكرتها قلت تذكرت إذا هى موجودة الذاهل المعلومة عندك ولكن الفرق ماذا ؟ أنك شُغلت بعملٍ آخرَ فى نفس الزمن فغطى على عقلك فلم تنتبه للأول مع أنك تعلمه وتتذكره ؛ الشرط الرابع / ثبوت الإختيار ومما لا شك فيه الإختيار المنافى للإكراه فإن الإنسان قد يُكرهُ على فعل شىءٍ عياذاً بالله تعالى ؛ الشرط الخامس / ثبوت القدرة فلا يكونُ عاجزاً عن الإمتثالِ وهذه مسألة كبيرة جداً جداً لذلك المولى عزوجل يقول ( فأتقوا الله ما استطعتم ) إذا القضية معلقة بالقدرة لأنه لا يوجد عملاً أصلاً إلا وله ركنان القدرة والإرادة فإن اجَتمعا وُجد العمل ولابد وإن سقط رُكنٌ من الركنين سقط العمل ولابد فقد يكون الإنسان عياذا بالله تعالى عاجزا كذلك ثبوت النية والقصد فلابد للإنسان أن يكون ذانية فى فعله أو قوله وذا قصدٍ كل هذا ينافى الظن وغيره كما بينت ذلك فى كتاب الأيمان هذه الشروط متعلقة بمن متعلقة بالقائل والفاعل ولكن القائل والفاعل هو المُقامَ عليه الحجة لكن هناك شروط يجب أن تتوفر فى المقيم وهى شروط كثيرة جدا مما لا شك فيه أولها أن يكون عالماً أيعقل ياقوم أن جاهلاً يقيم حجة على أحد أمروالله فى غاية الغرابة الأعجب منها ألايكون بينه وبين الذى تُقامُ عليه الحجة عداوة تمنعُ هذا الذى تُقام عليه الحجة من الإمتثالِ عناداً أوإلى آخره فهذان شرطان فى غاية الخطورة لابد من توفرهما وقد بينت هذه المسألة فى مكانٍ آخر لذلك أُنظر ماذا يقول ابن تيمية فى المجلد العشرين ص 36 من مجموع الفتاوى ما نصه (والحجة على العباد تقوم بشيئين بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله والقدرة على العمل به) نقف هنا قبل تكلمة كلامه بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله أمر فى غاية الخطورة التمكن من العلم مجرد أنك تسمع إن فى نص لا يجب أن يصل إليك النص هذه واحدة قد يصل إليك النص من طريق صحيح أو من طريق ضعيف إذا يجب أن يصل إليك من طريق صحيح هذا الطريق الصحيح إما أنك فهمته وإما لا إذا يجب أن تفهمه الرابعة إما أنك فهمته على مراد نفسك أو على مراد الله ورسوله إذا يجب أن تكون فاهما له على مراد الله وعلى مراد رسوله فإن فهمته على مراد الله وعلى مراد رسوله ولك قدرة أو عاجز فلابد أن يكون لك قدرة على الفعل الذى ذكرته آنفا كلمة وحدة قالها ابن تيمية ألا وهى ( بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله) تحتها كل ما قلته آنفا والقدرة على العمل به لا يكون عاجزا عن العلم كالمجنون أو العاجز عن العمل فلا أمر عليه ولا نهى أصلا ً لأن الله عزوجل قال (فأتقوا الله ما أستطعتم ) وعندما كان الأصحاب يبايعون النبى ﷺ يقول لهم فيما استطعتم إذا الذى لا يستطيع فعل ما أمر به مما لا شك فيه أبدا لا يمكن أن يحاسب ثم قال ابن تيمية رحمه الله ( وإذا أنقطع العلم ببعض الدين ( يعنى عرفت البعض ولم تعرف البعض ) أو حصل العجز عن بعضه (يعنى استطعت تعمل البعض ولم تستطع تعمل البعض ) كان ذلك فى حق العاجز عن العلم أو العمل بقوله كمن أنقطع عن العلم بجميع الدين أو عجز عن جميعه ) فالأمر سواء ممكن واحد لا يعرف أى شىء عن الدين فيسأل هل الكلام هذا موجود ؟ أنزل أفريقيا ترى أذهب إلى أوربا ستجد أقواما عياذا بالله تعالى الحُمر أشرف منهم اعتقادا واشرف منهم عملا وأشرف منهم فهما فتصور مثلا قوم يعملوا مظاهرة رجالا ونساءا عرايا !
ما هذا؟هؤلاء القوم عندهم دين؟الجواب لا عندهم عقل؟ الجواب لا عندهم فهم ؟ الجواب لا عندهم حياء ؟ الجواب لا
وهذه ليست بعجيبة بل أقسم بالله أن هناك تنظيما ظهر جديدا فى أوربا ألا وهو إن بعض الناس لما رأت الكلاب بتأكل أحسن أكل وبتشرب أحسن شرب ويبلبسون أحسن لبس وبلا تعمل عملوا تنظيم أحنا كلاب وأصبحت لهم منظمة ويشتروا ويباعوا فى المحلات والمغفلون يشترونهم أمر فى غاية الغرابة هؤلاء قوم قلت فإن تبين لك ما سبق فأعلم أن كثير من الآيات أن كثيرا من الأحاديث قد تضمنت لفظ التكفير والتفسيق بل وكذلك فى كلام الأئمة وجد لفظ التكفير ووجد لفظ التفسيق كقول من قال إن القرآن مخلوق فهو كافر فظن المسكين الذى يقرأ هذا الكلام أن أى شخص قال القرآن مخلوق قال له أنت كافر ؛ هذا ليس مراد السلف لا من قريب ولا بعيد ولا يعرفون هذا الكلام فهم يميزون بين القول وبين قائل القول بين الفعل وبين فاعل هذا الفعل ولكن لابد أن تفهم أن هذا هو الوعيد المطلق ولا يكون فى حق المعين أبدا إلا بعد قيام الحجة أنظر ماذا يقول ابن تيمية فى المجلد السابع ص 619 من مجموع الفتاوى ما نصه ( والتحقيق فى هذا أن القول (انتبه إلى أن القول) قد يكون كفرا (لم يقل القائل) كمقالات الجهمية الذين قالوا أن الله لا يتكلمو ولا يرى فى الآخرة ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر فيُطلق القولَ بتكفيرِ القائل) تصور ماذا يقول ابن تيمية أن الذى يجهل أساليب الكتاب والسنة أساليب أهل العلم الذين ألتزموا بالكتاب والسنة يظن أن هذه الألفاظ هى وصف للفاعل وليس وصفا لقول الفاعل ثم قال كما قال السلف ( من قال إن القرآن مخلوق (يعطى مثال ) ومن قال أن الله يرى فى الآخرة فهو كافر ولا يكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة ).
ما رأيكم السلفية وأعنى بالسلفية الذين يتبعون كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ على فهم صحابة رسول الله ﷺ هذه عقيدتهم فى هذه المسألة فمن المبارز فى هذه المسألة أم هو كلام يرسل أم هو كلام مجمل يقومون برميه لإيذاء عباد الله عياذا بالله تعالى فإن قيل ما حكم من لم تقم عليه الحجة فى الدنيا ؟
ومما لا شك فيه هذا يشمل المسلم والكافر قولاً واحداً
مرة ثانية ما حكم من لم تقم عليه الحجة فى الدنيا؟
فالمسلم قد لا تقام عليه الحجة فى بعض المسائل فهذه مسألتنا بل الكافر نفسه قد تجد أنه لم تُقم عليه الحجة فيكون له حجة عند الله يوم القيامة نعم كما سيأتى مثال المجنون مثلاً وهذا محتمل يكون بين المسلمين وبين الكافرين؛ الهرم الكبير الذى لا يدرى وهذا من الممكن يدرك الإسلام ويكون من المسلمين ابتداءاً ثم يحصل ما يحصل أو يكون من الكافرين ؛ الأصم عياذاً بالله تعالى قد يكون بين المسلمين وقد يكون بين الكافرين من مات قبل أن تصله الرسالة أو مات قبل البلوغ
أنظر كم نوع ؟
وهذه الجزئية الأخيرة بالذات من مات قبل البلوغ اسمه (حكم اللاهين من أطفال المسلمين وأطفال الكافرين ) المهم أن لم تُقمَ عليه الحجة ماذا يُفعل معه فى الآخرة ؟
أقول أن الله عز وجل يقيم عليهم الحجة يوم القيامة كما قال تعالى(رسلاً مبشرين ومنذرين) إذا أرسل رسل يبشروا أهل الطاعة وينذرون أهل المعصية إذا هؤلاء قوم ليسوا هم المجانين ولا الهرم ولا الأصم ولا من مات قبل الرسالة ولا من مات قبل البلوغ قال الله عزوجل (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) [4:165] قطعاً بعد الرسل بعد الرسالة التى وصلها الرسل إلينا وليس المراد نفس الرسول وإلا عياذا بالله تعالى بموت الرسل كان للناس أجمعون حجة عند الله عز وجل ولم ينطق بهذا أحد أؤكد هذا المعنى بما رواه أحمد وابن حبان t عن الأسود بن سريع وأيضا ابو هريرة k قالا قال رسولصلى الله عليه و سلم( أربعةٌ يحتجون يومَ القيامةِ (إذا هؤلاء لم تقم عليهم الحجة فى الدنيا ) : رجلٌ أصمُّ لا يسمعُ شيئًا . ورجلٌ أحمقُ ، ورجلٌ هرِمٌ ، ورجلٌ مات في فترةٍ . فأمَّا الأصمُّ فيقولُ : ربِّ لقد جاء الإسلامُ وما أسمعُ شيئًا . وأمَّا الأحمقُ فيقولُ : ربِّ جاء الإسلامُ وما أعقلُ شيئًا ، والصبيانُ يحْذِفونني بالبَعْرِ . وأمَّا الهَرِمُ فيقولُ : ربِّ لقد جاء الإسلامُ وما أعقلُ شيئًا . وأما الذي مات في الفترةِ فيقولُ : ربِّ ما أتاني لك رسولٌ . فيأخذ (المولى عزوجل ) مواثيقَهم ليطيعنَه ، فيُرْسَلُ إليهم (أى يرسل إليهم من يقول لهم ) : أنِ ادخلوا النارَ ، فمن دخلها كانتْ عليه بردًا و سلامًا ، و من لم يدخلْها سُحِبَ إليها)
أمرٌ فى غاية الخطورة وهنا مسائل لا تنتهى إذاً هؤلاء يوم القيامة لهم حجة وسُيمتحنون قولاًواحداً لما؟
لأن الله عزوجل يقول فى أهل الجنة ( جزاءاً بما كانوا يعملون) وفى أهل النار قال الله عزوجل ( جزاءاً بما كانوا يعملون ) والباء هنا باء السببية وليست باء المقابلة فالباء السببية أى بسبب العمل طيب هؤلاء لم يعملوا إذا لابد وأن تُقام عليهم الحجة وسيقيمها المولى عزوجل بأن يُنشأ لهم ناراً ثم يأمرهم بأن يدخلوها فمن دخلها كان من الطائعين وكانت برداً وسلاماً ومن لم يدخلها كان من العاصين ودخلها عياذاً بالله تعالى طبعا كما قلت هنا مسائل كبيرة ؛ قد يقول القائل أبو النبى صلى الله عليه و سلم وأمه أليس من أهل الفترة ؟ قلت بلى من أهل الفترة إذا كيف قال النبىصلى الله عليه و سلم أستأذنت ربى أن أزور قبر أمى فأذن لى فستأذنته أن استغفر لها فلم يأذن لى وكيف قال النبىصلى الله عليه و سلمللرجل الذى سأله أين أبى ؟
فقال فى النارفلما قفى ناداه فقال ياهذا أبى وأبيك فى النار حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار .
قلت والله ما أسهل ذلك فإن اللهعزوجل أخبره بما سيكون من أبويه أى أنهما سيرسبان فى هذا الإمتحان ويعصيان اللهعزوجل فالله عزوجل أخبره بما سيكون منهما ومثالها تماما فى الشريعة الوائدة والموءدة فى النار كان يتكلم عن عينا معينة امرأة معينة وأدت بنتها فقال الوائدة والموئودة فى النار الوائدة قد عرفناها فما ذنب الموئودة!
هذه بالعين أخبر اللهعزوجل نبيه صلى الله عليه و سلمأنها سترسب فى الإمتحان وستدخل نار جهنم بمعنى أنها لو عاشت لكفرت لذلك قال الرسول صلى الله عليه و سلم (والله أعلم بما هم عاملون) أى يعنى لو عاشوا ماذا كانوا سيعملوا ؟ وهذه مسألة كبيرة لها مكانٌ آخر.
لذلك يقول ابن القيم رحمه الله فى أحكام أهل الذمة (أنه لا يُعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة وهؤلاء لم تقم عليه حجة الله فى الدنيا فلابد وأن يقيم حجته عليهم وأحق المواطن أن تقام فيه الحجة يوم يقوم الأشهاد وتسمع الدعاوى وتقام البينات ويختصم الناس بين يدى الله سبحانه وينطق كل أحد بحجته ومعذرته فلا تنفع الظالمين معذرتهم وتنفع غيرهم).
تبين مما سبق :*-
أن قيام الحجة يختلف بإختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص وهذا هو مربط الفرس أنا أريد أن أقرب لك هذا المعنى رجل فى أدغال أفريقيا ورجل يعيش بيننا فهذا المحل غير هذا المحل أتظن أنهما سواء؟ لا والله فالذى عندنا هنا يسمع الأذان كل يوم والإقامة الأذان والإقامة عشر يسمعها كل يوم ويعيش بين المسلمين ويرى شعائر المسلمين ويبيع ويشترى معهم أخبرونا عن رجل يجلس فى أدغال أفرقيا كيف هو ؟ هذه واحدة بل أذهب إلى أوربا وبالمناسبة لفظ أوربا معناه الأرض المظلمة هذه أرض مظلمة ولا يجب تصديق باريس عاصمة النور بل عاصمة الظلام والضلال ومحاربة الله ورسوله والمؤمنين هؤلاء الفجرة إن شاء الله سيمحوا من على وجه هذه الأرض لذلك أنظر اختلاف الأزمنة لابد وأن تعتبرها فى البحث ؛ اختلاف الأمكنة لابد وأن تعتبرها فى البحث ؛ اختلاف الأشخاص لابد وأن تعتبرها فى البحث فإن أهملت واحدة من هذه الثلاثة ظلمتَ قولاً واحداً بل المسألةُ الواحدةُ قد تصلحُ لك ولا تصلح لغيرك فتُقال لك وتُحجب عن غيرك فهذا مما لاشك فيه يستقيم مع قوله تعالى فى الحديث القدسى ( إن رحمتى غلبت غضبى ) لذلك يقول ابن القيم وبالمناسبة إن قلت ابن قيم لابد أن تقول الجوزية لو حذفت الجوزية لابد وأن تقول ابن القيم قال ابن القيم فى طريق الهجرتين ما نصه (فقد تُقام حجة الله على الكفار فى زمان دون زمان (هذا ليس كلامى إذا ابن القيم بيعتبر بالزمان أم لا يعتبره إذن يعتبره) وفى بقعة وناحية دون آخرى (اعتبر المكان ) كما أنها تقوم على شخص دون آخر (أعتبر الأشخاص ) وإما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون وإما لعدم فهمه كالذى لا يفهم الخطاب وما أكثرهم فى هذا العصر ولم يحضرترجمان يترجم له وهذا كما فى الأرض المظلمة فهذا بمنزلة الأصم الذى لا يسمع شيئا ولا يتمكن من الفهم) إنتهى كلام ابن القيم .
قلت ويبنى على ما سبق مسائل كبيرة أن العقوبة على الفساق منوطة بقيام الحجة يعنى ماذا؟ أى معلقة بها بمعنى من فعل ما يوجب حدا ولا يدرى أن هذا الفعل عليه حد لايقام عليه الحد لذلك انظر ابن تيمية ماذا يقول فى المجلد الخامس ص 125 من منهاج السنة والعقوبة لا تكون إلا ترك مأمور أو فعل محذور بعد قيام الحجة ) لذلك عمر رضى الله عنه كف الحد عن رجل لا يدرى الحكم فهذه أمور لابد وأن ينتبه لها جيدا ومما لا شك فيه سنبينها فى مكانها ألا وهو الفقه إلى هنا ينتهى الكلام عن الموقظة العاشرة
ومعنا اليوم أيضا الموقظة الحادية عشرة عنوانها
دين الأنبياء واحد وإن تنوعت شرائعهم
عقيدة جميع الأبياء واحدة ألا وهى الإسلام (إن الدين عند الله الإسلام )
فدين آدم الإسلام
ودين نوح الإسلام
ودين ابراهيم الإسلام
ودين موسى الإسلام
ودين عيسى الإسلام
ودين محمد صلى الله عليه وسلم الإسلام هذا هو ديننا دين الأنبياء واحد عقيدتهم من أولهم إلى آخرهم واحدة وإن تنوعت شرائعهم يعنى المراد أن الشريعة تناسب القوم الذين أرسلوا فيه لذلك شريعتنا عامة تصلح لأى زمان وأى مكان ولأى أحدعلى وجه هذه الأرض روى مسلم رحمه الله عن ابى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله (الأنبياء أخوات من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد فليس بيننا نبى) أى بينى وبين عيسى عليه السلام نبى والعلة هى الدرة والمراد أنهم إخوة لأب أى أبوهم واحد ولكن أمهاتهم شتى والمراد بدينهم واحد أى عقيدتهم واحدة التى هى عبادة الله عز وجل لاشريك له والإيمان به وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره كما سيأتى إن شاء الله تعالى لذلك يقول المولى عز وجل فى آية الشورى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) [42:13] هذه الآية تحتاج إلى محاضرات لبيان ما فيها ألا تلحظ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ثم تفاجىء والذى أوحينا إليك ولم يقل والذى وصيناك به ثم رجع إلى الوصية لإبراهيم وموسى وعيسى مسألة فى غاية الخطورة ثم قال أن أقيموا الدين إذن يعنى ماذا أن أقيموا الدين ؟ هذه أن تسمى بأن التفسيرية سيأتى الكلام عنها ومنها قوله صلى الله عليه وسلم (إنا معشر الأنبياء ديننا واحد ) متفق عليه أما المراد بأماتهم شتى أى شرائعهم مختلفة تناسب مكانها الذى أنزلت فيها وتناسب زمنها قال الله تعالى (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )المائدة وقال تعالى (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا ...)وقال تعالى فى آية الحجة (لكل أمة جعلنما منسكا هم ناسكوه ) انظر ماذا يقول ابن تيمية كما فى الجواب الصحيح المجلد الثالث ص 132 (فدين المرسلين كلهم دين واحد ويتنوع شرعهم ومناهجهم كتنوع شريعة الرسول الواحد) طبعا هنا وقفة كبيرة قلت مثال تنوع شريعة النبى الواحد كصلاة النبى إلى القدس ست عشر شهرا أو سبع عشر شهرا بعد ذلك (فلنولينك قبلة ترضاها ) أى إلى الكعبة غالبا ما تشترك الشرائع فى الاسم وهذه فى غاية الأهمية تشترك فى الاسم دون المسمى وهذه من الفروق كالصوم (ياأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام ) نعم جنس الصيام كتب علينا وكتب على من كان قبلنا ولكن هل كانوا يصومون رمضان؟ وهل كانوا يصومون رمضان كما نصوموه نحن؟ بل نحن لم نصم الصيام على الصورة التى نصومها الآن من بداية أمره بل كان الأمر على خلاف ذلك كما بيناه فى الإحكام كتاب الصيام ثالثا ما سبق يدل على أن شريعتنا تناسب كل زمان وكل مكان والسبب أن الله عز وجل يقول كما فى آية سبأ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [34:28] إذا لم يُرسل إلى قوماً بعينهم تنبيه مهم قوله تعالى ( أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) قلت لو تتذكر أن أن هنا تسمى بأن التفسيرية يعنى ماذا؟ إذا جاء بعد فعل هذه واحدة من معنى القول لا من لفظه أى بمعنى قُلت ولكن ليس من لفظ القول لذلك قوله تعالى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه أى قلنا لكم أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه وله أمثلة كثيرة جدا فى الكتاب والسنة منها قوله تعالى (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ) [4:131] وهذه آية النساء أى الوصية لكم ولمن سبقكم أى قلنا لكم ولهم أتقوا الله أى أفعلوا المأمور واتركوا المحظور ومنه قوله تعالى ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [16:123] أى قلنا لك أتبع ما أوحيناه إليه آية النحل وهذه والله وأعلم بينتها بشىء من التفصيل فى أصول الفهم إلى هنا ينتهى الكلام عن الوقظة الحادية عشر وأيضا ينتهى الكلام عن التمهيد لعلم العقيدة ونبدأإن شاء الله تعالى فى بسط هذا العلم والله المستعان وعليه التكلان أكتفى بهذا القدر وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] كتاب طريق الهجرتين ص 611 ط دارابن القيم
ص 122 كتاب روضة المحبين المجلد الأول [2]
[3] كتاب بغية المرتاد