محاضرة 21

بطاقات دعوية


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
 هذه المحاضرة هى الحادية والعشرون من علم العقيدة وذكرتُ فى المحاضرة السابقة عدة أمورٍ منها:-
 بينتُ أن الشرعَ يثبتُ بطريقين
       الأول / ما ورد به النص 
       الثانى / ما دل عليه النص 
 ثانياً بينتُ أن قوله تعالى (سمعنا وأطعنا غفرانك ) أن قوله سمعنا وأطعنا ردٌ على الجبرية وقوله (غفرانك ) ردٌ على القدرية
 كذلك بينتُ إعراب (ليس البرَ) البر هنا خبرٌ مقدم 
 كذلك بينتُ الفرقَ بين (إذ) و(إذا) أما تفصيلها ففى علم الفروق والمفاضلات 
 وكذلك ذكرتُ أصول المعتزلة الخمسة ( العدل والتوحيد وإنفاذ الوعيد والمنزلة بين المنزلتين والأمرُ بالمعروف والنهى عن المنكر) 
 تكلمتُ عن الأصل الأول ألا وهو العدل ،وبينتُ أن تفسير العدل عندهم يخالفُ تفسير جميع أهل السنة 
ونبدأُ اليوم إن شاء الله تعالى من الأصل الثانى عندهم 
اسمه التوحيد 
سطروا تحت هذا الاسم العظيم الذى هو التوحيد أن القرآن مخلوق وخلاصةُ الكلام فى الحقيقة أنا لا أتعرضُ إلى تفنيد هذه الأصول ولكن أذكرُ على عجالة لحين الوورد على موضعها من علم العقيدة ، القرآن الذين زعموا أنه مخلوق نحن نسأل سؤالاً واضحاً هل القرآن من كلام الله تعالى أم لا ؟ 
الجوابُ مما لا شك فيه بنصِ كتابِ الله أن القرآن من كلام الله قال تعالى (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ) [سورة التوبة :6]
أى حتى يسمعَ القرآن الذى نزل عليك 
فهذه الآية دِلالتُها صريحة بأن القرآن من كلام الله تعالى
  ومعلومٌ أن كلام الله من علم الله عز وجل
 ومعلومٌ أن علم الله صفةً من صفاته عز وجل 
 ومعلومٌ أن صفات الله تعالى غيرُ مخلوقةٍ  
إذاً تبينَّ جلياً أن القرآن غيرُ مخلوق
فهذا برهانٌ سريع لحين الوصول إلى هذه المسألة وسنُسمعكم إن شاء الله فيها من الكلام الذى يدفعَ هذا الباطل دفعاً ويبينُ الجناية الكبيرة التى ترتبت على كلامهم هذا .
أما الأصلُ الثالث عندهم يسمونه بإنفاذ الوعيد ومرادُهم بهذه الجزئية أن الله تعالى لو أخبر أن من فعل كذا فإنه تحت وعيدٍ هو كذا ، المعتزلة تقولُ تحت هذا الأصل العجيب أن الله لا يُخلفَ وعدهُ فلا يعفو عمن فعل ما نهاه عنه ولا يغفرُ لمن يريد وهذا عياذاً بالله تعالى منكرٌ من القولِ وزوراً ، ومثالُها مثلاً أن الله تعالى بينَّ على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ( لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ولا يسرقُ السارق حين يسرقُ وهو مؤمن) وقال صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة قتات) أى منان ، قالوا طالما قال الله تعالى هذا فلا يجوزُ البتة أن يدخلَ من زنى الجنة ولا من سرق الجنة ولا من منّ الجنة وقطعاً نحنُ نتكلم عن الذى لم يتب نتكلم عن الذى لم يُقمَ عليه الحد هذا الذى نتكلمُ عنه وكلُ هذا عياذاً بالله منكراً من القول وزوراً والذى يؤكدَ لك ذلك أن هذه كبيرةٌ من الكبائر، والكبائرَ تحت مشيئة الله تعالى فقد ينال صاحب الكبيرة الشفاعة أبتداءاً فلا يدخلَ النار أبتداءاً وقد قال صلى الله عليه وسلم 
(شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى) وقد فصلتُ فى التمهيدِ من علم العقيدة شيئاً من هذه الجزئية ، لذلك نسألُ هؤلاء سؤالاً فى غاية الصراحة ما معنى قول الله تعالى (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ)[سورة العنكبوت:21] ؟
يرحم من يشاء من الذى أرتكب معصيةً أم الذى خلى من المعصية ؟
فإن كان الذى خلى من المعصية فهذا مرحومٌ ، إذاً ما بقى إلا أنه قد يرحمُ من أرتكب معصيةً وأعنى بالمعصية هنا الكبيرة قولاً واحداً والأمثلةُ على ذلك بالمئات ، منها أن الله تعالى كما عند البخارىَّرحمه الله  ( غفر لمومسةٍ وجدت كلباً يلهثُ من شدَّة العطش فخلعت موقها وحجابها وأستقت له فشكر الله تعالى لها وفى رواية غفر لها ) وهى لم تتب ولم يُقم عليها حد فهذه كثيرة بيناها فيما سبق وسيأتى إن شاء الله تعالى غير ذلك ، فهذا الكلام يخالف مذهب أهل السنة والجماعة ولا يلتقيان أبداً فى مثلِ هذه المسائل.
أصلٌ رابع فى غاية الخطورة شيئاً يُسمونه من الأصول الخمسة المَنزلةُ بين المنزِلتين ماذا يقصدون بذلك ؟ 
أن من أرتكب كبيرة ولم يتب منها ولم يُقم عليه الحد فهذا فى منزلةٍ بين المنزلتين فقالوا لا هو مسلم ولا هو كافر وأنتم تعلمون أن الخوارج يقولون أنه كافر وتعلمون أن أهل السنة يقولون أنه مسلم ولو كان عاصياً ولكن أين المشكلة تسمونه ماذا إذاً ؟
كثيرٌ منهم صمت عن الجواب وآخرون قالوا بأنه فاسق قلتُ هذا دور فى الكلام لأن الفاسق هذا إما أن يدخل فى زمرة المسلمين وإما أن يدخل فى زمرة الكافرين عياذاً بالله تعالى فماذا تقصدون بهذا اللوعَ فى الكلام عياذاً بالله تعالى ؟ 
لذلك خلاصة الكلام أن من أرتكب كبيرة مما لا شك فيه هو تحت قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [سورة فاطر:32]
على تفصيلٍ قد بينتُ طرفاً منه ، العجب أنه كما ترى أختلفوا مع الخوارج فى الدنيا الخوارج يسمونه كافر وهم ترنحوا بين المنزلتين ولكن فى الآخرة ماذا يقولون؟
أتفقوا مع الخوارج فى الحكم أنه سيدخل نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ولم ولن يخرجَ ، العجب أن بعضهم قال ولو حُكم بإسلامه عياذاً بالله تعالى فجوزا على أهل التوحيد أن يمكثوا فى نار جهنم خالداً مخلدين فيها أبداً ، وهذا مما لا شك فيه مهدومٌ بالنص كتاباً وسنة مهدومٌ بالإجماع القديم كما هو معلوم عندكم .
أما الأصلُ الخامس عند المعتزلة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، أنا أريدك أن تنتبه إلى أهل البدع جيداً، أنهم يستخدمون ألفاظاً وأسماءاً رنانة يغترُ بها كثير من الناس، كقولهم مثلاً فى الأصل الأول العدل ، فى الأصل الثانى التوحيد ، فى الأصل الخامس الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، أسماءٌ رنانة ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [سورة آل عمران :110] 
فهذه الخيرية بسببِ الأمرِ بالمعروف والنهى عن المنكر ، الذى أريدك أن تنتبه إليه أشتراكهم معنا فى اللفظ لا يعنى أننا أشتركنا معهم فى المدلول فمدلول الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عند أهل السنة يختلفُ تماماً فى أعظم المسائل عن المعتزلة عياذاً بالله تعالى فالمعتزلة يقولون كلاماً لا يمكن أن يٌقبلَ ، أنظر مثلاً ماذا يقولون ؟ يقولون أن الحاكم المسلم وقطعاً يقصدون أن الحاكم المسلم أى الذى يُطبق شريعة الله تعالى فى أمته فيمن ولاه الله تعالى عليهم هذا هو مفهوم المسلم عندهم ، إن كان يُخرجون صاحب الكبيرة من الإسلام أصلاً فما بلكم إن كان لا يُطبق شريعة الله تعالى فى الناس ، إذاً هم يقولون أن الحاكم المسلم قطعاً كما قلتُ يُطبق شريعة الله ولكن له مخالفات تتعلقُ به عياذاً بالله تعالى شاربٌ للخمر عياذاً بالله تعالى مثل يسرقُ ونحو هذه الأمور بأى طريقةٍ معلومة ، طيب ماذا تفعلون مع هذا؟
 قالوا نخرجُ عليه بالسلاح بقصد نزع الحكم منه وهذا والله لا يجوز ولم يتفوه به أحدٌ من أهل السنة قاطبة بل غايةُ ما فى الأمر أن رفع السلاح بقصد التقويم لا بقصد نزع الحكم منه كما قال الأقرع بن حابس لعمر بن الخطاب  ورفع السيف قال والله إن أعوججت لنقومك بهذا السيف ولم يقل له لأن ننزع منك الحكم هذا لا يجوز فى شريعتنا ، العجب أن هؤلاء المعتزلة طائفة كبيرة جدا ولا أدرى كيف يضحكون على الأمراء وعلى الملوك وعلى الرؤساء بأنهم هم أهلُ الوسطية كما يقولون وأنهم لا يظلمون أحداً وأنهم مع الحكام وإن طغوا وكلُ هذا منكرٌ من القول وزوراً بل هم عياذاً بالله تعالى الذين يجوزون الخروج على الحاكم المسلم الذى يطبق شريعة الله تعالى وهذا لم ينطق به سنى أصلا سبحان الله ! هذا من الأمور العجيبة 
هذا الأصلُ عياذاً بالله تعالى عند المعتزلة يفرحُ به كثيرٌ من الناس لذلك الخراب ما جاء إلا من هذا الباب ، وضعُ هذا الركنُ العظيم أعنى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى غير موضعه وقد عقدتُ محاضرتين فى هذه الكلمة ولنا كتابٌ إن شاء الله تعالى سنشرحهُ فى علم العقيدة ، والعجب أن الزمخشرى وهو كما تعلمون رأسٌ من رؤوس الإعتزال لم يكفُ عن سبِ أهل السنة بل والله يصف أهل السنة بما فيهم الصحابة بأعظم الأوصاف كما هو معلوم فى بابه حتى إنه وصف أهل السنة أنهم كالحمر المؤكفة أنا أدرى أن ابن قيم الجوزية رحمه الله  قد رد عليه وأعطاه ما يستحق وكذلك من المحدثين أحمد الاسكندرانى رحمه الله  كذلك رد عليه رداً يناسبه وأنه أولى بهذا الوصف من وصف أهل السنة بهذا الوصف الشنيع وقد رددت عليه فى آخر المجلد الرابع من كتابنا فيض المجيد وسيأتى إن شاء الله تعالى فى مكانه، عوداً إلى قوله تعالى (لانفرق بين أحدٍ من رسله ) آية البقرة أريدك أن ننتبه دائماً لما تقرءاه (لا نفرق) أنظر إلى هذا الفعل فعل (يتفرق) وفعل (تفرق) وأنتم تعلمون أن التثنية هى عمادُ هذا اللفظ لأن الفرقة ستكون بين أثنين فتقول (يتفرقان) وتقول (يفترقان) ما هو وجه الخلاف بين اللفظ؟ فى غاية الخطورة ألا تلحظ  فى صيغة (يفترقان) أن التاء بعد الفاء ولكن (يتفرقان) التاء قبل الفاء ، طيب  قلت أولاً أن الفعل الأول (يفترقان) يكون بالكلام يعنى ماذا؟ 
يعنى لو كنت تجادل آخر ولم تتفقا على لفظٍ وأخذت بقولك وهو أخذ بقوله يُقال فى لغة العرب (يفترقان) فالإفتراقُ فى الألفاظ التى محلها الجدال لذلك أنظر ماذا يقول صلى الله عليه وسلم (أفترقت اليهود على أحدى وسبعين فرقة ) أفترقت أمر خطير جداً هم أفترقوا فى ماذا؟ أفترقوا فى الكلام فذهبت كل طا ئفة مذهباً لا يأتلفُ مع الآخر ، أنا أدري قد يقولُ القائل هم مجتمعون قلتُ قد رد الله تعالى عليك قال الله تعالى (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى) أى هذه القلوب أفترقت تماماً ، لأن مذهب كل قلبٍ يختلفُ عن الآخر ، أما اجتماعهم فى الصورة ، أما اجتماع الأبدان فى الظاهر واختلاف القلوب هلا أنتبه المسلمون إلى هذا المعنى ولعبوا على هذا الوتر ، وأنا والله أعجبُ من الجماعات هل يُنكرُ أحد أن كل جماعة لها مذهب يختلف عن الآخر فهذا افتراق خطير أيكون اليهود أعقلُ منكم ؟ هم افترقوا تماماً قلوبهم شتى ولكن فى الصورة أمامكم أبدانهم واحدة بل يتفقون فى الظاهر عليكم ، هلا فعلتم ذلك يرحمكم الله أيكون اليهود أعقل منكم فى مثل هذه المسألة
أما الفعل الثانى ( يتفرقان ) التاء قبل الفاء هذا لا يكون إلا بالأبدان ، لذلك أنظر مثالها قال صلى الله عليه وسلم  ( البيعان بالخيار مالم يتفرقا) لذلك ابن عمر رضي الله عنه كان إذا ابتاع مع أحدٍ بعدما يتكلم يذهب فيمشى قليلاً ثم يعود إليه ، انظر فى فقه الصحابة صلى الله عليهم وكيف يفهمون النصوص وكيف يضعون كل لفظةٍ على مدلولها الصحيح هذه فى غاية النبل لذلك يوجد هنا بعض المسائل أيضاً فى غاية الخطورة أهمها:-
لو نظرت إلى تفرق الأبدان يتضمنُ تفرق الأقوال قولاً واحداً والعكسُ غيرُ صحيح قد تفترق الأقوال ولا تتفرقُ الأبدان 
إذاً تفرقُ الأبدان أعظمُ ضرراً من أفتراق الأقوال وهذه من العجائب، المهم هذه المسألة يجبُ أن تنتبهُ إليها وإن شئت فعد إليها فى علم الفروق والمفاضلات ، قوله تعالى (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتا ) كما قلتُ أبدانهم ملتصقة هكذا إذا نظرت إليهم الكونجرس ، مجلس الشيوخ ، ولكن فى الغرف المغلقة يُقتلون بعضهم بعضاً نسأل الله السلامة والعافية لذلك أقول نوحد الأفكار وعلى أثرها توحد الصف لذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم للمأمؤمين (استووا لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم ) 
انظر عدم تسوية الصف سبب لإختلاف القلوب واختلاف القلوب سبب لعدم تسوية الصف عياذا بالله تعالى فما بالنا لو كانت عدم التسوية فى عقيدة المسلمين ،انظر إلى هذه الكارثة التى تحيط بنا من كل جهة 
على كلٍ أريدُ أن أتكلم عن جزئية آخرى قبل أن أبدأ فى الركن الأول أعنى الإيمان بالله أتكلم عن ( ) ولنا فيها كلامٌ كبيرٌ جدا فى الجزء الأول من التفسير يعنى فى سورة الفاتحة ولكن هنا بعض الألفاظ لابد وأن نقف عليها لأنها ستخدُمنا إما مباشرة وإما بواسطة ، لذلك أقول (بسم ) الباءُ هنا اختلف الناس فيها اختلافاً كبيراً 
منهم من قال للمصاحبة  
ومنهم من قال للتبرك
ومنهم من قال للإستعانة 
وأنت تعلمون أن سيبويه  لم ينص البتة على أن الباء تفيد غير (الملاصقة)  ومن نقل عن سيبويه غير ذلك نقل فهمه ولم ينقل منطوق الرجل فإنه قال بأن الباء أنها للملاصقة والملاصقة قد تحمل معها معنى آخر فالملاصقة مما لا شك فيه أقرب شىء لها هو المصاحبة ، لذلك لما قال صلى الله عليه وسلم(ياغلام سم الله ( أى قل بسم لله ) وكل بيمينك) إذا أرت أن تقول قلت ماذا؟ قلت بسم الله هل معنى أنك قلت بسم الله هل المقصود بسم الله مع أول لقمة أم أن المراد أن البسملة تلاصق مبدء الأكل إلى نهايته ، تلاصقُ أول لقمة إلى آخر لقمة ، قلتُ مما لا شك فيه هذا هو مدلول الباب والذى يؤكده أنك لو نسيت البسملة ماذا تقول ؟ 
تقول بسم الله أوله وآخره ، إذاً البسملة تسيرُ من أول الفعل إلى نهاية الفعل، قد يقول القائل هل هذه تفرق معنا فى الفقه؟
هل تؤثر معنا فى الأحكام الفقهية ؟
 قلت يارجل ثؤثر فى الذبيحة كارثة ، يعنى تصور أن إنسان جاء بسكين فقال بسم الله وقصده أن يضع السكين على الذبيحة ويعمل الشرطة الأولى ثم لا بسم الله بعد ذلك هذه ميتة فكيف لا تؤثر؟!
بل لابد وأن البسملة تصحبُ السكين حتى تقطع البلعوم وتقطع الوجدين إلى آخره من الأمور التى أنتم أخبر بها منى .
قد يقولُ القائل ولكن كثيرٌ من الناس  لا يفعلُ ذلك قلتُ لا بل كل الناس يفعلوا ذلك لأن هذه أمورٌ فطرية لاتحتاجُ إلى تنبيه ولكن الخطرُ على من ؟ 
على من زعم أن البسملة الباء للتبرك فقط ولا علاقة لها بالذبيحة أو أنها تصحبُ أول نقطة ولا علاقة لها ببقية الرقبة هذه أمور فى غاية الخطورة ونسأل الله السلامة والعافية ، فالبسملة من أول الوضؤ إلى آخره ، البسملة من أول الغسل إلى آخره البسملة من أول الأكل إلى آخره ، البسملة من أول الرسالة إلى آخرها ، هذا هو مدلول الباء على تفصيلٍ بيناه فى مكانٍ آخر.
لفظ (اسم ) أيضاً اختلف فيه الناس فقد قال بعضهم أن لفظ اسم مشتق من السمو والمراد بالسمو قطعاً العلو وبعضهم قال مشتقٌ من السما أى العلامة ، الأول هو قول الكوفيين والثانى هو قول البصريين وفى الحقيقة معلومة عامة الخلاف بين البصريين والكوفيين لصالح البصريين وهذا يعلمه جيداً من درس علوم لغة العرب ، قلتُ فى الحقيقة هذا الخلاف لا يُبنى عليه أو يقال أن أحد القولين لازمُ الآخر فلا هذا خطأ ولا هذا خطأ إلا فى تخريج اللفظة بمعنى ماذا؟
نحنُ نقول لو قلت أن اسم مشتق من السمو وهو العلو فقطعاً الشىء العالى علامة ولو قلت أنه من السما وهى العلامة فالعلامة لا تكون علامة إلا إذا كانت عالية ولا أعنى بالعلو هنا الحسى فقد يكون العلو معنوى كأن رجلاً مثلا يضعُ شارة وعليها مثلا مرسوم ترس ومفتاح تفهم أنه صنايعى فهذه علامة معنوية وليست علامة حسية .
المسألة التى هى أقوى من هذا بكثير نقول ما الفرق بين الاسم والتسمية والمسمى ؟
أنا أقربُ لك هذا الكلام الله تعالى رزقك مولداً المولود ذات شىء مسمى هذه الجثة مسمى ، أنت تختارُ أسماً النقلة تضع الاسم على هذه الذات فهذه النقلة تسمى التسمية ، إذاً فى الحقيقة هناك فرقٌ بين الاسم والتسمية والمسمى فرقٌ واضح ، ولكن نسألُ الله السلامة والعافية اختلف الناس فى العلاقة بين الاسم والمسمى على ثلاثة مذاهب ، مذهبان هم من الباطل بمكان ومذهب أهل السنة هو الحق الموافق لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وللإجماع .
لذلك المذهب الأول يقولون الاسم هو المسمى هذا مذهب أهل الكلام المتكلميين لاأريد أن أدخل فى هذا التفصيل فقد بينتها فى علم أصول الفهم ولكن هذا الكلام خطر جداً من ثمانية أوجه أذكر وجهين أو ثلاثة :-
أقول أولاً لم ينطق نحوىٌ ولا عربى بهذا الكلام لذلك أنظر ماذا يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله  كما فى بدائع الفوائد 
( لم يقل نحويٌ قط ولا عربي أن الإسم هو المسمى )  وأنا أسأل ياأهل الكلام جئتم بهذا الكلام من أين؟
ما هى مصادركم التى تعتمدون عليها ؟ 
فلا لغة عرب تعتمدون لا شعراً ولا نثراً ولا تعتمدون لغة الكتاب ولا لغة السنة إذاً هوى قل ما شئت.
من المضحكات وهو الوجه الثانى أن من قال أن الاسم هو المسمى لزمه الآتى يعنى ماذا لزمه الآتى ؟
 أنا لو قلتُ نار لأحترق فمى أليس الاسم هو المسمى ؟
 إذا ً لما قلتُ نار خرجت النار من فمى وهذه تسبب إحراق علمت لما قلت أنها من المضحكات ولكن توجد أشد منها 
وهو الوجه الثالث أن الإنسان لو قال الله إذاً قفز من فيه أيقولُ هذا عاقلاً؟!
لكن المشاغبة منهم لا تنتهى يشغبون مثلاً بنص أبداً ولو جاءوا بنص جاءوا بتفسير من بنيات أفكارهم التى لم ينطق بها أحد قبلهم ، فسبحان الله قالوا يلزم من لم يقل بقولنا أى أن الاسم هو المسمى أن يقول أن الاسم غير المسمى ، وهؤلاء والله يذكروننى بكلام لابن حجر رحمه الله  لما أراد أن يشرح حديث (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يُغسل سبع مرات ....إلى آخره) انظر ماذا يقول ابن حجر ؟ الطهارة إما من حدث وإما من خبث إذاً هو حصر الطهارة فى شيئين ثم قال وحيثُ أن الإناء لا حدث عليه إذاً الطهارة من خبث إذاً لعاب الكلب نجس ، قلتُ هذا كلام باطل ؟ 
ما هو البطلان فى الكلام شيءٌ يسمى فى علم الأصول السبر والتقسيم يعنى ماذا؟ 
أن التقسيم هذا غلط أصلا والسبر هو اختباره  لأن الطهارة ليست شيئين قال هى طهارة من حدث وطهارة من خبث قلت تبقى الطهارة من طهارة وهى الثالثة التى لم ينتبه لها ، يسأل سائل ما هى الطهارة من طهارة ؟ 
كما قال صلى الله عليه وسلم (طهروا أفواهكم فإنها طرق القرآن) نطهرها من ماذا من حدث أم من خبث ؟أمرٌ فى غاية الخطورة ، وقال صلى الله عليه وسلم (طهروا أفنيتكم فإن اليهود لا يطهرون أفنيتهم) يعنى لو هناك تراب أو زبالة طهروها .
إذاً الطهارة قد تكونُ من الطهارة ، إذاً أن كان التقسيمُ خطئاً فمن باب أولى ان يكون السبر خطأ ، وهذا هو الذى فعله المعتزلى الذى قال إن لم يقل بقولنا بأن الاسم هو المسمى إذاً ولابد وأن الاسم غير المسمى ، قلتُ لا لم تذكر ما ذكره الله ولم تذكر ما ذكره النبى صلى الله عليه وسلم أن الاسم قد يكونُ للمسمى فهذه لا تدريها وسيأتى إن شاء الله تعالى .
العجب أنهم لما قالوا الاسم هو المسمى لزمه أن يقول الاسم غير المسمى قالوا الاسم مشتق من الصفة شوف الترتيب على الباطل وهذا حق الاسم مشتق من الصفة وحيث إن الاسم غير المسمى إذاً الصفات غير المسمى وحيث أن كل شىء غير المسمى مخلوق إذا صفات الله مخلوقة انظرو إلى البهت ، قلت كل هذا الكلام بنى على مقدمة خطأ أصلاً فلا نلتفتُ إليها وسيأتى الكلام إن شاء الله تعالى ، ولكن الاسم غير المسمى مقولة فاسدة عياذاً بالله تعالى فيها من الفساد الشىء الكثير ولكن أريدُ أن أنبه على جزئية قف على مدلول اللفظ فإن اللفظ له مدلول إن لم تأتى هذا المدلول أتيت بالعجائب ، قولهم الاسم غير المسمى ه ملم يفهموا من الغيرية إلا التباين بل  الأمر فوق ذلك قد يرادُ به ما يبين غيره فأناغيرك فهذه مباينة هذا هو الذى يعرفه المتكلمون ولا يعرفون غيره ويزعمون أنهن أهل العقليات وغير ذلك ولكن فى الحقيقة قد يرادُ بلفظ الغير يرادُ مالم يكن إياه ومعلوم أن صفة الله ليست إياه يعنى من صفت الله تعالى السمع أنقول بأن الله هو السمع ؟ هذا كلام عجيب نسأل الله السلامة والعافية 
أما المذهب الثالث على عجالة وهو الذى لا يدريه المعتزلة وأمثالهم أن الاسم للمسمى ، فيجب أن تنتبه لهذه الجزئية أما قال تعالى ( ولله الاسماءالحسنى فادعوه بها) أى الاسم لله لا هو ولا غيره وأما قال تعالى ( قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ..) بل هذا ثابتٌ فى الحديث المتفق عليه عن جبير بن مطعم ( لى خمسةُ اسماء ) له لا لغيره هذا هو كلام الله وهذا هو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك أنا أسأل سؤال أين أنتم من هذه النصوص وأنتم تقولون أننا لا نأخذُ إلا بظواهر الكتاب ؟ أليس هذا من ظاهر الكتاب ؟ ولله الاسماءُ الحسنى أليس هذا من ظاهر الكتاب فله الاسماء الحسنى ؟ أليس هذا من ظاهر السنة لله تسعة وتسعين اسماً ؟ بلى ولكنهم لا ندرى كيف تركوا مثل هذه الامور ؟ 
توجد جزئية بسيطة جدا أنبه عليها قد يقول القائل لكلام المعتزلة وجه ألا وهو أن الله تعالى قال فى سورة يوسف (ما تعبدون من دونه إلا أسماءاً سميتموها) 
هذا يستدل لمن ؟للمعتزلة ويقول هنا الاسماء لا تعبد الاسماء حروف والحروفُ لا تُعبد إذاً المراد بالاسم هو المسمى قلتُ عياذاً بالله تعالى هذا ضلالٌ مبين ، أنا أريدُ أن أقرب لك هذه المسألة لو نفرض مثلاً أتيت بطبق فول وكل حبة لوحدها وسميت الفول كبدة وجلست تأكل أنا أقولُ لك ما أكلت إلا اسم الكبدة أما حقيقةُ الشىء فليس بكبدة وأنا أسأل المعتزلة هل ما يعبده المشركون ألهةً أصلاً ؟
 الجوابُ لا إذاً هم من سموها ألهة وهذه التسمية هم من عبدوها وهذا أمرٌ نسأل الله السلامة والعافية وضعوا أسماً على ذاتٍ لا حقيقة لها إذاً لم يعبدوا إلا الأسماء التى وضعوها الذى سمى اللات والعزى لا هى إله ولا هى عزيزة هذه الأسماء وُضعت على غير مسماها.
إلى هنا وصلنا بحول لله وقوته إلى الركن الأول من أركان الإيمان أعنى الإيمان بالله ، نحن قلنا ما الإيمان ؟ كذا كذا كذا كذا وذكر ستة أركان أقفُ مع كل ركن طبعاً سيطولُ الكلام جداً يعنى الإيمان بالله ممكن يأخذ مئتى محاضرة فأقفُ مع الإيمانُ بالله 
فأقولُ أولاً الإيمان ماهية يعنى ماذا ماهية ؟
 يعنى شىء 
 يعنى ماذا شىء؟
 يعنى مسمى يعنى ماذا مسمى ؟ 
يعنى ذات وهذه الذات مخلوقة أى أن الله تعالى 
خلق الإيمان كما خلق الكفران 
خلق الصدق كما خلق الكذب
 خلق النكاح كما خلق الزنا 
خلق الأمانة كما خلق الخيانة وهلم جرا 
يبقى أول معلومة أن الإيمان ذاتٌ 
ثانياً أن الإيمان مخلوق  من مخلوقات الله تعالى
 المعلومة الثالثة أن الإيمان يتكونُ  من اجزاء يصعب حصرُها مما لا شك فى ومن هذه الأجزاء هذه الأركان الستة الت ىبينتها من الآيات ومن حديث جبريل عليه وعلى نبينا الصلاةُ والسلام ، ولكن فى الحقيقة الذات تتكون من اجزاء بعضُ هذه الأجزاء نمسيها أركان وبعض هذه الأجزاء نسميها واجبات وبعضُ هذه الأجزاء نسميها مستحبات، طيب أنت تريدُ أن تتعرف على كل جزء أهذا الجزء ركن أم واجب أم مستحب ؟ لأن هذا سيترتب عليه من الأمُور الشىء الذى لا يمكن أن يُحصى لذلك لابد وأنت تتعلم كيف تحكم على هذا الجزء من هذه الذات أنها ركن هذا الجزء من هذه الذات أنه واجب هذا الجزء من هذه الذات أنه مستحب إذاً أقفُ عند هذه الجزئية على عجالة ، طيب احفظ هذا الكلام (إذا أطلق الشارع أقصدُ المولى تبارك وتعالى لأنه هو المشرع أقصدُ النبى صلى الله عليه وسلم لأنه هو المشرع الله تعالى أذن له بذلك ) 
طيب إذ أطلق الشارع اسم الجزء على الكل فاعلم أن هذا الجزء ركن فى هذا الكل واعلم أنه متى زال هذا الجزء زال هذا الكل ولابد ، وهذه والله لو فتحنا فيها لن ننتهى مرة ثانية عندنا ذات تتكون من أجزاء لو وجدت أن الشارع أخذ جزءاً وأطلقه على هذا الكل فاعلم أن هذا الجزء ركن فى هذا الكل وأن هذا الجزء لو زال زالت هذه الماهية من أولها إلى آخرها خذ مثالاً
قال الله تعالى (فتحرير رقبة) الرقبة العبد أو الأمة أطلق على العبد كله الذى يتكون من أجزاء كثيرة جداً أطلق عليه رقبة إذاً أولُ معلومة أن الرقبة جزء من هذه الماهية هذه واحدة 
أن الرقبة ركنٌ فى هذه الماهية هذه الثانية 
الثالثة أن الذى زالت رقبته زالت ماهيته مات وأنتهى وضحت إذا ً هذه طريقة تعرف بها ركنية الجزء وأيضاً بالعكس يعنى ماذا؟ يعنى لو أطلق الكل على الجزء ولكن من الممكن أن أعطى مثالاً آخر استحضرته فى غاية الخطورة قال تعالى (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [سورة آل عمران :43] حاجة خطيرة جداً ، اسجدى اى صلى واركعى أى صلى مع المصلين،إذاً أطلق الجزء وهو السجود على الصلاة ، إذاً السجود جزء من هذه الماهية ، إذاً السجود ركن من هذه الماهية ، إذاً إذا خلت الصلاة من السجود صلاةٌ باطلة ( وأركعى مع الراكعين) أطلق هذا الجزء وهو الركوع على الصلاة إذاً هو جزء وهو ركن متى زال زالت الماهية جملة وتفصيلاً.
خذ هدية فى هذه الآية وعض عليها بالنواجذ ما هذه الهدية ؟ 
الله تعالى يقول (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [سورة آل عمران :43]
أى وصلى وصلى مع المصلين ، طيب وصلى مع المصلين هذه الجماعة، صحيح صحيح إذاً اسجدى اى وصلى اى صلى منفردة 
إذاً أول فائدة أن المرأة يجوزأن تصلى منفردة فى بيتها ويجوز أن تذهب إلى المسجد فتصلى جماعة ،طيب قد يقول القائل أىُ صلاتين أفضل للمرأة ؟ قلتُ التى فى بيتها فإن سألتنى عن الدليل بعيداً عن السنة خذ هذه ، أنا أسالُك لما كنى عن صلاة المرأة فى بيتها كنى بلفظ ماذا؟ كنى بلفظ السجود وعندما كنى عن لفظ الصلاة فى جماعة كنى عنها بلفظ ماذا؟ الركوع وحيثُ أن السجود أعظم من الركوع فتبين أن صلاتها فى بيتها أعظم من صلاتها فى الجماعة 
الطريقة الثانية لمعرفة ركنية الجزء أن يُطلق الشارع الكل على الجزء ومثالها فى كتاب الله (وما كان الله ليضيع ايمانكم) أى وما كان الله ليضيع صلاتكم ولكن سوف أبتعد عنها الآن حتى لا تفتح علينا باب كبير ولكن فى سنة النبى فى الحديث القدسى
 ( قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين فإذا قال الحمد الله رب العالمين قال حمدنى عبدى) أنتبه قسمت الصلاة ثم لما تكلم قال فإذا قال الحمد الله يعنى الفاتحة إذا ً هنا أطلق الصلاة على قراءة سورة الفاتحة إذا تبين أن سورة الفاتحة قراءتها جزءٌ من الصلاة وأنها ركن فى هذه الصلاة فإن وقعت او ثبتت ركعة بلا فاتحة سقطت هذه الصلاة قولاً واحدة على تفصيل كبير جدا ذكرته فى تفسير سورة الفاتحة كما فى علم التفسير إذاً هذا أمر خطير جدا جدا لأنه سيبنى عليه من الكلام ما هو معلومٌ فى مكانه ، أكتفى بهذا القدر وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وجزاكم الله خيراً والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.
 

ملفات