مسألة القارئ إذا مر بآية رحمة

سنن النسائي

مسألة القارئ إذا مر بآية رحمة

 أخبرنا محمد بن آدم، عن حفص بن غياث، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن يزيد، عن حذيفة، والأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة، وآل عمران، والنساء في ركعة لا يمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا استجار»

المؤمنُ الحقُّ يُحِبُّ الوقوفَ بين يدَي ربِّه في الصَّلاةِ يُناجيه، ويَدْعوه ويَرْجوه، وهكذا كان حالُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقد كان يَقومُ اللَّيلَ في الصَّلاةِ حتَّى تتورَّمَ قَدَماه، وقد غُفِر له ما تقَدَّم مِن ذَنبه وما تأخَّر، ولكنَّه يُعلِّمُ أمَّتَه كيف يَكونُ الشُّكرُ للهِ عزَّ وجلَّ

وفي هذا الحديثِ يَقولُ عَوفُ بنُ مالكٍ الأشجَعيُّ رضِيَ اللهُ عنه: "قُمتُ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليلةً"، أي: قُمتُ أُصلِّي معَه في قيامِ اللَّيلِ، "فقام، فقَرأَ سورةَ البقرةِ، لا يَمُرُّ"، أي: وهو يَقرَأ بِفَهمٍ وتَدبُّرٍ، "بآيةِ رحمةٍ إلَّا وقَف، فسأل" أي: يَقِفُ؛ لِيَطلُبَ مِن رحمةِ اللهِ تَعالى بما في تلك الآيةِ مِن رَحَماتٍ، "ولا يمُرُّ بآيةِ عذابٍ إلَّا وقَف فتَعوَّذ"، أي: يَلجَأُ ويَستجيرُ باللهِ مِن العذابِ الَّذي اشتمَلَتْ عليه تلك الآيةُ
قال عوفٌ: "ثمَّ ركَع بقَدرِ قيامِه"، أي: ركَع ركوعًا طويلًا بقَدْرِ الوقتِ الَّذي قرَأ فيه، يَقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في رُكوعِه: "سُبحانَ ذي الجَبَرُوتِ"، أي: صاحبِ القَهرِ والعَظَمةِ، "والملَكوتِ"، أي: ما خَفِي منه وما ظهَر، "والكِبرياءِ والعَظَمة"، وهما صِفتان لا يتَّصِفُ بهما إلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ، قال عوفٌ: "ثمَّ سجَد بقَدْرِ قيامِه"، أي: أطالَ فيه بمِثلِ ما أطال في قراءتِه، "ثمَّ قال في سُجودِه مِثلَ ذلك"، أي: بمِثلِ الَّذي قاله في رُكوعِه، "ثمَّ قام"، أي: في رَكعتِه الثانية، "فقرَأ بآلِ عِمرانَ، ثمَّ قرَأ سورةً سورةً"، أي: بما يَليها مِن السُّوَرِ، والمرادُ: ثمَّ قرَأ بسُورةِ النِّساءِ ثمَّ المائدةِ، وهكذا، وهذا يدُلُّ على طولِ صَلاةِ القيامِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفي صلاتِه لنفسِه