مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه165
مسند احمد
حدثنا يحيى، عن داود - يعني ابن قيس، عن عياض، عن أبي سعيد، " لم نزل نخرج زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع (2) من تمر، أو شعير، أو أقط، أو زبيب " (3)
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أبو سَعيدٍ الخُدريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ المُسلِمينَ في زَمانِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو حاضِرٌ معهم كانوا يُخرِجون زَكاةَ الفِطرِ صَاعًا مِن طَعامٍ -وهو القمْحُ- أو تَمْرٍ، أو شَعيرٍ، أو زَبيبٍ، على عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والخُلفاءِ الراشدينَ مِن بعْدِه، فلمَّا جاءتْ خِلافةُ مُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنه، وجاءتِ السَّمراءُ، أي: كثُرَتِ الحِنطةُ الشَّاميَّةُ ورخُصَتْ، قال مُعَاويةُ: أظُنُّ أنَّ مُدًّا واحدًا مِن هذا الحَبِّ أو القَمحِ يَعدِلُ مُدَّينِ مِن سائرِ الحبوبِ، والمُدُّ: مِقدارُ ما يَملَأُ الكَفَّينِ، والصَّاعُ: أربعةُ أمدادٍ؛ فالمُدُّ يُساوي الآنَ تَقريبًا (509) جِراماتٍ في أقلِّ تَقديرٍ، و(1072) جِرامًا في أعْلى تَقديرٍ، أمَّا الصَّاعُ فيُساوي بالجرامِ (2036) في أقلِّ تَقديرٍ، وفي أعْلى تَقْديرٍ يُساوي (4288) جرامًا، والمعْنى أنَّ مُعاوِيةَ رَضيَ اللهُ عنه رأى أنْ يُخرَجَ مِن الحِنطةِ الشاميَّةِ نِصفُ صاعٍ، وهو ما يَعدِلُ حَجْمَ الصاعِ مِن التَّمرِ أو الشَّعيرِ. وهذا صَريحٌ في أنَّ إخراجَ نِصفِ صاعٍ مِن القَمْحِ لم يكُنْ في زمَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنَّما حَدَثَ بعْدَه؛ فالصَّاعَ هو فَرضُ صَدقةِ الفِطرِ في أيِّ قُوتٍ مُخرَجٍ، وأمَّا قَولُ معاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه فهو اجتهادٌ له لا يُعادِلُ النُّصوصَ.