مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه275
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، قال: أخبرني عياض بن هلال (1) ، أنه سمع أبا سعيد الخدري، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا شبه على أحدكم الشيطان وهو في صلاته، فقال: أحدثت، فليقل في نفسه كذبت، حتى يسمع صوتا بأذنيه، أو يجد ريحا بأنفه، وإذا صلى أحدكم فلم يدر أزاد أم نقص، فليسجد سجدتين وهو جالس " (2)
الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، وعلى المُسلمِ أنْ يَلتَزِمَ اتِّباعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أدائِها، وهذا الحديثُ يُوضِّحُ بعضَ أحكامِ الصَّلاةِ، وهو سُجودُ السَّهْوِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إذا شبَّهَ على أحَدِكم الشيطانُ وهو في صَلاتِه"، أي إذا وَسوَسَ الشيطانُ لأحدٍ في الصلاةِ فأصابَه بالشكِّ "فقال: أَحدَثْتَ" بأنْ وقَعَ منكَ ما يُفسِدُ الوُضوءَ دونَ أنْ تَشعُرَ من نحوِ حَركةٍ في الدُّبُرِ، فهذا مِن وَسوَسةِ الشيطانِ ليُفسِدَ على المَرءِ صَلاتَه، "فلْيَقُلْ في نَفْسِه: كذَبْتَ"، أي: كذَبْتَ أيُّها الشيطانُ وكذَبَتْ وساوسُكَ، ولا يَخرُجُ من الصلاةِ، "حتى يَسمَعَ صوتًا بأُذُنيهِ، أو يجِدَ ريحًا بأنفِه"، فهنا يَتيقَّنُ أنَّه قد أحدَثَ بالفعلِ ويَنبَغي عليه الخروجُ مِن الصلاةِ وتَجديدُ الوُضوءِ، "وإذا صَلَّى أحدُكم فلم يَدرِ أزادَ أمْ نقَصَ"، وهذا أيضًا مِن وَساوِسِ الشيطانِ الذي يُحاوِلُ أنْ يُفسِدَ على المُصلِّي صَلاتَه فيُشَكِّكُه في عدَدِ الركَعاتِ، ويُمكِنُ أنْ يكونَ الشكُّ مِن جهةِ انشغالِ عَقلِ المُصلِّي وقَلبِه بأُمورِ الدُّنيا، وفي كلِّ الأحوالِ فإذا شكَّ في صلاتِه، "فلْيَسجُدْ سَجدَتَينِ وهو جالسٌ"، وهما سَجدَتا السَّهوِ اللَّتانِ تَجبُرانِ هذا الشكَّ في احتِسابِ عدَدِ الركَعاتِ، فيَسجُدُهما قبْلَ السلامِ. ويَنْبَغي على الشَّاكِّ في الصَّلاةِ أنْ يَبْنيَ على أقلِّ العدَدِ، ثُمَّ يُكمِلَ بِناءً عليه؛ حتَّى يَخرُجَ مِنَ الشَّكِّ باليَقينِ، وأنَّه أتَمَّ صلاتَه، ثُمَّ يَسجُدَ سَجْدَتَيِ السَّهوِ.
وقيلَ: إنَّ الزيادةَ في الصَّلاةِ تَقتَضي أنْ يَسجُدَ للسَّهْوِ فقط، وأمَّا النُّقصانُ فيَقتَضي الإتيانَ بالنَّاقصِ، ثمَّ يُسجَدُ للسَّهْوِ.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ أمورَ العباداتِ تُبنى على اليَقينِ، وليس على الشكِّ.