مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه490
مسند احمد
حدثنا إسماعيل، أخبرنا سعيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: لم نعد أن فتحت خيبر وقعنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تيك البقلة في الثوم، فأكلنا منها أكلا شديدا وناس جياع، ثم رحنا إلى المسجد فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الريح، فقال: " من أكل من هذه البقلة الخبيثة شيئا فلا يقربنا (1) في المسجد "، فقال ناس: حرمت حرمت، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أيها الناس، إنه ليس لي تحريم ما أحل الله، ولكنها شجرة أكره ريحها " (1)
في هذا الحديثِ يقولُ أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضي اللهُ عنه: لم نَعُدْ أي لم نُجاوزْ أن فُتِحت خَيبَرُ، فوقعْنا- أصحابَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في تلك البَقلَةِ، الثُّومِ، والنَّاسُ في جُوعٍ شَديدٍ، فأكَلْنا منها أكلًا شديدًا، حتَّى شَبِعْنا، ثُمَّ ذَهبنا إلى المسجدِ، فلمَّا وَجَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرِّيحَ، أي: رائحَةَ الثُّومِ، قال: "مَن أَكَلَ من هذه الشَّجرَةِ الخبيثَةِ شيئًا"، سمَّاها خبيثَةً لقُبْحِ رائحَتِها، "فلا يَقْرَبْنا في المسجدِ"، أي: لا يَأتِنا في المسجِدِ، وهذا فيمَنْ أَكَل ذلك نِيِئًا، فأمَّا مَن أَكَلَه بعد الإنضاجِ بالنَّارِ فلا مَنْعَ فيه، فلمَّا سَمِعَ النَّاسُ ذلك ظنُّوا أنَّها حَرُمَتْ، فبَلَغَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَولُهم فقال: "أيُّها النَّاسُ، إنَّه ليس بي تحريمُ ما أحلَّ اللهُ لي"، أي: ليس لي أن أُحَرِّمَ على أُمَّتي ما أَحَلَّ اللهُ لها، وفيه دليلٌ على أنَّ الثُّومَ ليس بحَرامٍ، ثُمَّ بيَّنَ لهم بقَولِه: "ولكنَّها شجرةٌ أكرَهُ ريحَها" .