مسند أبي هريرة رضي الله عنه 134
مسند احمد
حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقيل له مرة: رفعته؟ فقال: نعم. وقال مرة: يبلغ به -: " يقولون: الكرم، وإنما الكرم قلب المؤمن "
لمَّا جاء الإسلامُ نَهَى عن كلِّ العاداتِ السَّيِّئةِ التي كانتْ في الجاهليَّةِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُغيِّرُ بعضَ الأسماءِ الموروثةِ مِن الجاهليَّةِ؛ لِيُصحِّحَ المفاهيمَ، ويُبعِدَ العُقولَ والقُلوبَ عن ارتباطِها بأسماءَ تَحمِلُ صِفاتٍ وَهميَّةً مُرتبِطةً باعتقاداتٍ فاسدةٍ، كما في هذا الحَديثِ؛
حيث إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «ويقولون» أي: النَّاسُ: «الكَرْمُ»، وهو شَجَرُ العِنَب، وهذا إنكارٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على تسميةِ العِنَبِ بهذا الاسْمِ، «إنَّما الكَرْمُ قلْبُ المؤمنِ»، وفي أحاديثَ أُخرى صحيحةٍ عند البخاريِّ ومسلمٍ وغَيرِهما: «فإنَّما الكرْمُ الرَّجُلُ المُؤمِنُ» أو «الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الصَّالِحُ»؛ وذلك لِمَا في المسلم وقَلْبِه مِن نُورِ الإيمانِ، وتقْوى الإسلامِ، ولِمَا أكْرَمَهُ اللهُ به وفضَّلَه على الخليقةِ، وقيل: نُهِيَ أنْ يُسمَّى أصْلُ الخَمرِ باسمٍ مأْخوذٍ مِن الكَرَمِ، وجعَلَ المُؤمنَ الَّذي يَتَّقي شُرْبَها ويَرى الكرَمَ في تَرْكِها أحقَّ بهذا الاسمِ الحَسنِ؛ تأْكيدًا لحُرمتِه، وأسقَطَ الخمْرَ عن هذِه الرُّتبةِ؛ تَحقيرًا لها، وتأْكيدًا لتَحريمِ الخمْرِ، وسَلْبًا للفضيلةِ بتَغييرِ اسْمِها المأخوذِ مِن الكرَمِ