مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 126
- حدثنا عبد الرحمن، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه
عن عمر، قال: لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر (1)
المَصالحُ العامَّةُ في الإسلامِ مُقدَّمةٌ على المَصالحِ الخاصَّة؛ ففي هذا الحديثِ أنَّ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنه لَمَّا عَلِم أنَّ المالَ يَعِزُّ، وأنَّ الشُّحَّ يَغلِبُ؛ أشْفَقَ على مَن يَأتي بعْدَهم مِن المسلِمين،
فرَأى أنْ يَحبِسَ القُرى والأراضيَ الَّتي يَغنَمُها جَيشُ الإسلامِ، ويَجعَلَها وَقْفًا على جَميعِ المسلمين،
ولا يَقسِمَها بيْن الفاتحينَ فقطْ؛ رَحْمةً بمَن يَأتي بعدَهم مِن النَّاسِ، بدَوامِ نفْعِها لهم، ودَرِّ خَيرِها عليهم، وذكَرَ أنَّه لَولا آخِرُ المسلِمينَ ممَّنْ يَأتونَ في الأزمنةِ المُتعاقِبةِ، لم يَفتَحْ قَريةً إلَّا قَسَمها بيْن الغانمينَ الذين فَتَحوها، كما فَعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ببَعضِ أرْضِ خَيبَرَ؛ التي فُتِحَت سَنةَ سَبعٍ مِن الهِجرةِ، وهي بَلدةٌ تَقَعُ شَمالَ المدينةِ على طَريقِ الشَّامِ، تَبعُدُ عن المدينةِ 95 ميلًا (153 كم)، وكان يَسكُنُها اليَهودُ، حيث جَعَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِصْفَها لِنَوائبِه وما يَنزِلُ به، وقسَم النِّصفَ الباقيَ بيْن المسلِمين، ولم يكُنْ لهم عُمَّالٌ، فدَفَعوها إلى اليَهودِ ليَعمَلوها على نِصفِ ما يَخرُجُ منها، لكنَّ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنه رَأى أنَّه لو قسَم كلَّ قَريةٍ على الفاتحينَ، لَمَا بقِي شَيءٌ لِمَن يَجِيءُ بعْدَهم مِن المسلِمين.
وفي الحديثِ: رِعايةُ الإمامِ لمَصالحِ الأُمَّةِ الحاضرةِ والمُستقبَلةِ.