مسند أبي هريرة رضي الله عنه 322
مسند احمد
حدثنا أبو قطن، وأبو عامر، قالا: حدثنا هشام يعني الدستوائي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: والله لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم [ص:430]. قال: فكان أبو هريرة " يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر، وصلاة العشاء، وصلاة الصبح - قال أبو عامر في حديثه: العشاء الآخرة، وصلاة الصبح - بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده، ويدعو للمؤمنين، ويلعن الكفار " وقال أبو عامر: ويلعن الكافرين
نقَلَ الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم هدْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كلِّ الأمورِ، سواءٌ منها ما داوَمَ عليه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أو ما كان يَفعَلُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المُلِمَّاتِ، كما في هذا الحديثِ؛
حيث قال أبو هُريرةَ رضي الله عنه: "واللهِ إنِّي لَأقْرَبُكم صَلاةً برسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، أي: أقرَبُكم شبَهًا بصَلاةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، "فكان أبو هُريرةَ يَقنُتُ في الرَّكعةِ الآخرةِ مِن صَلاةِ الظُّهرِ وصَلاةِ العِشاءِ الآخرةِ وصَلاةِ الصُّبحِ، بعدَما يقولُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَهُ، فيَدْعو للمُؤمنين"، أي: بالخيرِ، "ويلْعنُ الكُفَّارِ" بالطَّردِ مِن رَحمةِ اللهِ، وقال أبو هُريرةَ: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه في الرَّكعةِ الآخرةِ مِن صَلاةِ العِشاءِ، قنَتَ"، أي: دعا بعدَ القِيامِ مِن الرُّكوعِ، "فقال: اللَّهُمَّ نَجِّ الوليدَ بنَ الوليدِ" وهو أخو خالدِ بنِ الوليدِ، وكان ممَّن شهِدَ بدرًا مع المُشرِكين، وأُسِرَ بها، أسرَهُ عبدُ اللهِ بنُ جَحشٍ، وفَدى نفْسَهُ، ثمَّ أسلَمَ، "اللَّهُمَّ نَجِّ سَلمةَ بنَ هشامٍ" وهو ابنُ عمِّ خالدِ بنِ الوليدِ، وهو أخو أبي جهْلٍ، وكان مِن السَّابقينَ إلى الإسلامِ، وعُذِّبَ في اللهِ، ومَنَعوه أنْ يُهاجِرَ إلى المدينةِ، واسْتُشْهِدَ في خلافةِ أبي بكرٍ رضِيَ اللهُ عنهما بالشَّامِ سنَةَ أربعَ عشرةَ، "اللَّهُمَّ نَجِّ عيَّاشَ بنَ أبي رَبيعةَ" وهو عمُّ خالدِ بنِ الوليدِ، وهو أخو أبي جهْلٍ أيضًا لِأُمِّه، وكان مِن السَّابقينَ إلى الإسلامِ أيضًا، وهاجَرَ الهِجرتينِ، ثمَّ خدَعَهُ أبو جهْلٍ، فرجَعَ إلى مكَّةَ، فحبَسَهُ، ثمَّ فرَّ مع رَفيقَيه المذكورينِ، وعاشَ إلى خِلافةِ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنه، فمات، قِيل: سنَةَ خمسَ عشرةَ. وقيل: قبْلَ ذلك، وهؤلاء الثَّلاثةُ حَبَسَهم المُشرِكونَ في مَكَّةَ لَمَّا أسْلَموا ومَنَعوهم مِن الهِجرةِ، وقَد تَواعَدوا جميعًا لِلهُروبِ مِن المُشرِكينَ، فدَعا لهم النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
"اللَّهُمَّ نَجِّ المُستضعفينَ مِن المُؤمنين وهذا دعاءٌ عامٌّ بَعدَ دُعاءٍ خاصٍّ، والمُرادُ بالمُستَضعَفينَ مِن المُؤمِنينَ: هُم ضُعَفاءُ المُؤمِنينَ بمكَّةَ وغيرِها الَّذين حبَسَهم الكُفَّارُ عن الهِجرةِ وآذَوْهم وعَذَّبوهم