مسند أبي هريرة رضي الله عنه 685
مسند احمد
حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن أبي الجحاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني» يعني حسنا وحسينا
لآلِ بيتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فضائلُ كثيرةٌ، وتجِبُ لهم حقوقٌ على مَن عَداهُم، وقد أمَر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بحبِّهم ونَهى عن بُغضِهم
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:" مَن أحَبَّ الحَسَنَ والحُسينَ فقد أحَبَّني"، والحسنُ والحُسينُ وَلدَا عليِّ بنِ أبي طالِبٍ وفاطِمةَ بنتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ؛ فهُما سِبْطَا رَسولِ اللهِ، وهما رَيْحانَتاه مِن الدُّنيا، وإنَّ مِن عَلاماتِ حُبِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُحِبَّ المُسلِمُ الحسنَ والحُسينَ، "ومَن أبغَضَهما فقد أبْغَضَني"، أي: وكذلك فإنَّ مِن علاماتِ بُغْضِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بُغْضَ الحسنِ والحُسينِ، وكفى شقاوةً ببُغْضِ مَن لا يَتِمُّ إيمانُه إلَّا بحُبِّه، وقد أوصى النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحُبِّ آلِ بيتِه، فقال- كما في صحيحِ مُسلِمٍ-: "أُذكِّركُم اللهَ في أهل بَيتي"، وأخرج أحمدُ قولَه صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنِّي تاركٌ فيكم خَليفتَينِ: كِتابَ اللهِ وأهلَ بَيتي"، وقد أذهبَ الله سُبحانَه الرِّجسَ عن أهلِ البيتِ وطهَّرهم تَطهيرًا؛ كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]
وهذا الحُبُّ الَّذي أَوْصى به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو الحُبُّ الَّذي ليس فيه مُغالاةٌ، ولا رفْعُ أحدٍ مِن آل البيتِ على مَرتبةِ البَشَرِ، ولا حُبٌّ يَكْرَهُ به غيرَه مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما يفعَلُ الشِّيعةُ مِن مُغالاتِهم في حُبِّ الحسنِ والحُسينِ؛ فقد أخرَج أحمدُ عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا تَطْرُوني كما أَطْرَتِ النَّصارى عيسى ابنَ مريمَ؛ فإنَّما أنا عبْدُ اللهِ ورسولُه»، وفي الصَّحيحَينِ عن أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا تَسُبُّوا أصحابي، لا تَسُبُّوا أصحابي، فوالَّذي نفْسِي بيَدِهِ، لو أنَّ أحدَكم أنفَقَ مثْلَ أُحُدٍ ذهبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحدِهم، ولا نَصِيفَه»
وفي الحديثِ: بيانُ مَنقبةٍ وفضْلٍ للحسنِ والحُسينِ رضِيَ اللهُ عنهما، وأنَّ حُبَّهما مِن حُبِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم