مسند أبي هريرة رضي الله عنه 749
مسند احمد
حدثنا محمد بن أبي عدي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يريد بها بأسا، يهوي بها سبعين خريفا في النار»
اللِّسانُ مِن نِعَمِ اللهِ العَظيمةِ، ولَطائفِ صُنعِه البَديعةِ؛ فإنَّه مع صِغَرِ جِرْمِه قدْ يكونُ سَببًا في دُخولِ الجنَّةِ، أو انْكِبابِ صاحِبِه على وَجْهِه في النَّارِ؛ لذا يَنْبغي للمُسلِمِ أنْ يَحفَظَ لِسانَه
وفي هذا الحَديثِ بَيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أثَرَ الكلمةِ وما يَترتَّبُ عليها مِن أجْرٍ أو وِزرٍ، حتَّى إنَّ العبدَ لَيتكلَّمُ بالكَلمةِ مِمَّا يَرْضاهُ اللهُ ويُحِبُّه، لا يَلتفِتُ لها قلْبُه وبالُه؛ لِقِلَّةِ شَأنِها عندَه، فيَرْفَعُه اللهُ بها دَرَجاتٍ في الجنَّةِ، وإنَّه لَيتكلَّمُ بالكَلمةِ الواحدةِ مِمَّا يَكْرَهُه اللهُ ولا يَرْضاهُ، لا يَلتفِتُ بالُه وقلْبُه لعِظَمِها، ولا يَتفكَّرُ في عاقِبتِها، ولا يَظُنُّ أنَّها تُؤثِّرُ شَيئًا، ولكِنَّها عندَ اللهِ عَظيمةٌ في قُبحِها، فيَهْوِي بها -أي: يَنزِل ويَسقُط بسَببِها- في دَرَكاتِ جَهَّنَمَ
وهذا تَحذيرٌ للمُسلِمِ مِن خُطورةِ الكَلِمةِ؛ فإنَّ الكَلِمةَ إذا لم تَخرُجْ مِن الفَمِ فالإنسانُ مالِكُها، فإذا خرَجَت كان أسِيرَها
وفي الحَديثِ: أنَّ مَوضوعَ الكلامِ هو مَا يُحدِّد أثَرَه المترتِّب عليه؛ فقدْ يَخرُجُ المُسلِمُ مِن إسلامِه بسَببِ كَلِمةٍ، وقدْ يَنصُرُ اللهُ الإسلامَ بكَلمةٍ
وفيه: التأمُّلُ والتفَكُّرُ فيما يَنطِقُ به الإنسانُ