حدثنا محمد بن جعفر، سئل عن قراءة الإمام في الصلوات، قال: حدثنا شعبة، عن أبي محمد، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، قال: «في كل الصلوات يقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسمعناكم، وما أخفى علينا، أخفينا عليكم»
تَبليغُ الدِّينِ وتَعليمُه للناسِ واجبٌ على كلِّ مُسلمٍ بقَدْرِ عِلمِه واستطاعتِه
وفي هذا الحديثِ يَضرِبُ أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه أفضَلَ الأمثلةِ في ذلك، ويقومُ بِواجِبِه في تَبليغِ الدِّينِ وتَعليمِ العِلمِ لعامَّةِ النَّاسِ، وعدَمِ كِتمانِه، وحَديثُه هنا عن الصَّلاةِ، فيُخبِرُ أنَّ المُصلِّيَ يجِبُ أنْ يَقرَأَ القُرآنَ في كلِّ الصَّلواتِ، لكنْ في بَعضِها بالجَهْرِ، وهو رفْعُ الصَّوتِ عندَ قِراءةِ الفاتحةِ وما تَيسَّرَ مِن القرآنِ، وفي بَعضِها بالسِّرِّ، فيَخفِضُ صَوتَه بالقِراءةِ، ومَدارُ هذا كلِّه على فِعلِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد جَهَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَلاةِ الصَّبحِ «الفَجْر»، والرَّكعتينِ الأُولَيَينِ مِن المغرِبِ والعِشاءِ. وكان يُسِرُّ في غيرِ ذلك، وربَّما أسَرَّ في نَوافلِ اللَّيلِ وربَّما جهَرَ، كما في حَديثِ التِّرمذيِّ عن عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، فقام الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم باتِّباعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك، وتابَعَهم مَن بعْدَهم، فكانوا يَجهَرون فيما جَهَرَ به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الصَّلواتِ، ويُسِرُّون فيما كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُسِرُّ فيه.ثمَّ بيَّن أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الواجبَ في القِراءةِ هو قِراءةُ أمِّ القرآنِ، وهي الفاتحةُ، وسُمِّيَتْ بأمِّ القرآنِ؛ لاشتمالِها على المعاني الَّتي في القرآنِ، ولأنَّها أوَّلُ القرآنِ، فمَن قرَأَ بالفاتحةِ قضَتْ عنه الواجبَ الذي عليه، وصارَتْ صَلاتُه صَحيحةً، ومَن زاد عليها بقِراءةِ ما تَيسَّرَ مِن القرآنِ فإنَّ ذلك مِن بابِ التَّنفُّلِ الَّذي يُثابُ عليه فاعلُه
وفي الحديثِ: الاتِّباعُ، وترْكُ الابتداعِ، والحرصُ على مُوافَقةِ هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفيه: وُجوبُ قِراءةِ الفاتحةِ في جَميعِ الصَّلواتِ؛ في الجَهريَّةِ جَهْرًا، وفي السِّرِّيةِ سرًّا