مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1204
مسند احمد
حدثنا شبابة بن سوار، قال: أخبرني سليمان، عن ثابت البناني، عن أنس قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه وأم سليم، فجعلني عن يمينه، وأم سليم من خلفنا
قوله : ( وأمي أم سليم خلفنا ) فيه أن المرأة لا تصف مع الرجال ، وأصله ما يخشى من الافتتان بها فلو خالفت أجزأت صلاتها عند الجمهور ، وعن الحنفية تفسد صلاة الرجل دون المرأة ، وهو عجيب وفي توجيهه تعسف حيث قال قائلهم : دليله قول ابن مسعود " أخروهن من حيث أخرهن الله " والأمر للوجوب ، وحيث ظرف مكان ولا مكان يجب تأخرهن فيه إلا مكان الصلاة فإذا حاذت الرجل فسدت صلاة الرجل ؛ لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها ، وحكاية هذا تغني عن تكلف جوابه ، - والله المستعان - .
فقد ثبت النهي عن الصلاة في الثوب المغصوب وأمر لابسه أن ينزعه ، فلو خالف فصلى فيه ولم ينزعه أثم وأجزأته صلاته ، فلم لا يقال في الرجل الذي حاذته المرأة ذلك ؟ وأوضح منه لو كان لباب المسجد صفة مملوكة فصلى فيها شخص بغير إذنه مع اقتداره على أن ينتقل عنها إلى أرض المسجد بخطوة واحدة صحت صلاته وأثم ، وكذلك الرجل مع المرأة التي حاذته ولا سيما إن جاءت بعد أن دخل في الصلاة فصلت بجنبه.
وقال ابن رشيد : الأقرب أن البخاري قصد أن يبين أن هذا مستثنى من عموم الحديث الذي فيه لا صلاة لمنفرد خلف الصف يعني أنه مختص بالرجال ، والحديث المذكور أخرجه ابن حبان من حديث علي بن شيبان ، وفي صحته نظر كما سنذكره في " باب إذا ركع دون الصف " واستدل به ابن بطال على صحة صلاة المنفرد خلف الصف خلافا لأحمد ، قال : لأنه لما ثبت ذلك للمرأة كان للرجل أولى ، لكن لمخالفه أن يقول : إنما ساغ ذلك لامتناع أن تصف مع الرجال ، بخلاف الرجل فإن له أن يصف معهم وأن يزاحمهم وأن يجذب رجلا من حاشية الصف فيقوم معه فافترقا . وباقي مباحثه تقدمت في " باب الصلاة على الحصير ".