‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1765

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1765

حدثنا عفان، حدثنا أبو عوانة، عن إسماعيل السدي قال: سألت أنس بن مالك، قلت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم؟ قال: " لا أدري، رحمة الله على إبراهيم، لو عاش كان صديقا نبيا "

كان للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَجموعةٌ مِنَ الأبناءِ والبَناتِ، وكُلُّهم مِن زَوجَتِه خَديجةَ رَضِيَ اللهُ عنها، ما عَدا ابنَه إبراهيمَ، فكان مِن ماريةَ القِبطيَّةِ رَضِيَ اللهُ عنها، وكان أكبَرُ بَناتِه زَينَبَ، ثُمَّ رُقيَّةَ، ثُمَّ أُمَّ كُلثومٍ، ثُمَّ فاطِمةَ رَضِيَ اللهُ عنهنَّ جَميعًا، وقد ماتَ جَميعُ أولادِه في حَياتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا فاطِمةَ؛ فقد توفِّيَت بَعدَه بسِتَّةِ أشهُرٍ، وأمَّا ابنُه إبراهيمُ فقد وُلِدَ في ذي الحِجَّةِ سَنةَ ثَمانٍ مِنَ الهجرةِ، وتوفِّيَ وهو ابنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهرًا، وقيلَ: ثَمانيةَ عَشَرَ شَهرًا، فبَكى عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال: إنَّ العَينَ تَدمَعُ، والقَلبَ يَحزَنُ، ولا نَقولُ إلَّا ما يُرضي رَبَّنا، وإنَّا بفِراقِك يا إبراهيمُ لمَحزونونَ.

وقدِ اختَلَف الصَّحابةُ: هَل صَلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ابنِه إبراهيمَ صَلاةَ الجِنازةِ أم لا؟ فقد سَألَ إسماعيلُ السُّدِّيُّ وهو أحَدُ التَّابِعينَ أنَسَ بنَ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فقال: هَل صَلَّى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ابنِه إبراهيمَ؟ فقال أنَسٌ: لا أدري.

وذَهَبَ جَماعةٌ إلى أنَّه صَلَّى عليه وكَبَّرَ أربَعًا. ثُمَّ تَرَحَّمَ أنَسٌ رَضِيَ اللهُ عنه على إبراهيمَ، وقال: رَحمةُ اللهِ على إبراهيمَ، لَو عاشَ كان صِدِّيقًا نَبيًّا، أي: لَو قُضيَ في عِلمِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ أن يَعيشَ إبراهيمُ لَكان صِدِّيقًا نبيًّا، ولَكِن لَمَّا كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خاتَمَ الأنبياءِ ولا نَبيَّ بَعدَه أرادَ اللهُ تعالى أن يَموتَ إبراهيمُ صَغيرًا. ولَعَلَّ أنسًا رَضِيَ اللهُ عنه سَمِع ذلك مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ مِثلَه لا يُقالُ بالرَّأيِ، ثُمَّ سَألَ إسماعيلُ السُّدِّيُّ سُؤالًا آخَرَ فقال: كَيف أنصَرِفُ إذا صَلَّيتُ: عن يَميني، أو عن يَساري؟ أي: إلى أيِّ جِهةٍ أتَحَوَّلُ بَعدَ السَّلامِ مِنَ الصَّلاةِ. فقال أنَسٌ رَضِيَ اللهُ عنه: أمَّا أنا فرَأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنصَرِفُ عن يَمينِه، أي: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَنصَرِفُ عن يَمينِه. وجاءَ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَنصَرِفُ عن شِمالِه، ووَجهُ الجَمعِ بَينَهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَنصَرِفُ تارةً عن يَمينِه، وتارةً عن شِمالِه، وأخبَرَ كُلُّ واحِدٍ مِنَ الصَّحابةِ بما رَآه.
وفي الحَديثِ جَوابُ السَّائِلِ بقَولِ لا أدري.
وفيه مَشروعيَّةُ التَّرَحُّمِ على مَن ماتَ صَغيرًا.
وفيه مَشروعيَّةُ الانصِرافِ بَعدَ الصَّلاةِ عن اليَمينِ.