مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه266
حدثنا يزيد، أخبرنا همام يعني ابن يحيى، عن قتادة، عن أنس، " أن الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل، فرخص لهما في لبس الحرير، فرأيت على كل واحد منهما قميصا من حرير "
اليُسرُ ورَفْعُ الحَرَجِ مِن مَعالِمِ دِينِنا الحَنيفِ، وكُلَّما زادَتِ المَشقَّةُ ازدادَ التَّيسيرُ ورُفِعَ الحَرَجُ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ عَبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوفٍ والزُّبَيرَ بنَ العَوَّامِ، رَضيَ اللهُ عنهما اشْتَكَيَا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القَمْلَ، وفي رِوايةٍ أُخرى في الصَّحيحَيْنِ: «مِن حَكَّةٍ كانَتْ بهما»، وكأنَّ الحَكَّةَ نَشأتْ عن أثَرِ القَمْلِ، فنُسِبَتِ العِلَّةُ إلى السَّبَبِ الأصْليِّ، أو كانَتِ الحَكَّةُ بأحَدِ الرَّجُلَيْنِ، والقَمْلُ بالآخَرِ؛ فأرخَصَ لهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في لُبْسِ الحَريرِ؛ لِأنَّه أبرَدُ على الجِلدِ عَن غَيرِه مِنَ الثِّيابِ، قال أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه: فرأيتُه عليهما في غَزاةٍ، ومَعلومٌ أنَّ الحَريرَ مُحرَّمٌ على الرِّجالِ، كما في سُنَنِ أبي داودَ: «إنَّ نَبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخَذَ حَريرًا، فجَعَلَه في يَمينِه، وأخَذَ ذَهَبًا فجَعَلَه في شِمالِه، ثمَّ قال: إنَّ هذَيْنِ حَرامٌ على ذُكورِ أُمَّتي»؛ وإنَّما أباحَه لهما رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِمَا فيهما مِن عِلَّةٍ.
وفي الحَديثِ: الأخْذُ بأسبابِ التَّدَاوي والعِلاجِ.
وفيه: أنَّ العَمَلَ بالأسبابِ لا يُنافي التَّوكُّلَ على اللهِ عزَّ وجلَّ.