مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه33
مسند احمد
حدثنا إسحاق، حدثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع قال: سألت أنس بن مالك قلت: أخبرني بشيء عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين صلى الظهر يوم التروية؟ قال: " بمنى " وأين صلى العصر يوم النفر؟ قال: " بالأبطح " قال: ثم قال: افعل كما يفعل أمراؤك (1)
وفي هذا الحديثِ يَحكي التَّابِعيُّ عبدُ العَزيزِ بنُ رُفَيعٍ أنَّه سألَ أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يُخبِرَه بشَيءٍ عَقَلَه، أيْ: فَهِمَه وفَقِهَه عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فسَألَه عن مَكانِ صَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الظُّهرَ والعَصرَ يَومَ التَّرويةِ، وهو يَومُ الثَّامِنِ مِن ذي الحِجَّةِ، وسُمِّيَ بذلك لِأنَّ الحُجَّاجَ كانوا يَرتَوُونَ فيه مِنَ الماءِ لِمَا بَعدَه، فيَستَقونَ ويَسقُونَ فيه إبِلَهم؛ استِعدادًا لِلوُقوفِ يَومَ عَرفةَ.
ثمَّ سألَه عن مَكانِ صَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ النَّفْرِ، أيِ: الرُّجوعِ مِن مِنًى إلى مَكَّةَ، وهو يَومُ الثَّالِثِ مِن أيَّامِ التَّشريقِ. فأجابَه: بالأبطَحِ، وهو الْمُحَصَّبُ، وهو مَكانٌ ذو حَصًى صَغيرةٍ، وهو في الأصلِ مَسيلُ وادي مَكَّةَ، ويَقُعُ جَنوبَ الحَرَمِ الشَّريفِ أمامَ جَبَلِ ثَورٍ، وهو جُزءٌ مِن مِنًى.
ثم أمَرَه أنَسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يَفعَلَ كما يَفعَلُ أُمَراؤُه، فيُصلِّيَ حيثُ يُصلُّونَ، إشارةً إلى أنَّ الأُمراءَ إذ ذاك ما كانوا يُواظِبونَ على صَلاةِ الظُّهرِ ذلك اليَومَ بمَكانٍ مُعيَّنٍ، وأنَّ النَّاسَ في سَعةٍ مِن هذا، فيَخرُجونَ متى أحَبُّوا، ويُصلُّونَ حيث أمكَنَهم، وهو إشارةٌ أيضًا إلى أنَّ ما ذكَرَه عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليس بنُسُكٍ مِنَ المَناسِكِ يَجِبُ فِعلُه، وقيلَ: بل هو نُسُكٌ، ونَهيُه لِمُخالَفَتِهمُ احتِرازٌ مِمَّا يَتوَلَّدُ مِنَ المُخالَفةِ مِنَ المَفاسِدِ، كالفُرقةِ وشَقِّ الصَّفِّ، ونَحوِ ذلك.