‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه338

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه338

حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن أبي فزارة قال: سألت أنسا عن الركعتين قبل المغرب، قال: " كنا نبتدرهما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم "، قال شعبة: ثم قال بعد: وسألته غير مرة فقال: " كنا نبتدرهما، ولم يقل: على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم "

الزَّواجُ الشَّرعيُّ نِظامٌ يُقيمُ أُسرَةً مُتكافِلةً ويَحفَظُ لكلِّ طرَفٍ حُقوقَهُ، ويُظهِرُ كَرامةَ الإنْسانِ، أمَّا زَواجُ المُتعةِ فهَدْمٌ للمُجتَمَعِ وضَياعٌ للمَرأةِ؛ فإنَّ الرَّجُلَ يُعجَبُ بالمَرأةِ فيَتزوَّجُها مدَّةً على أَجرٍ مَعلُومٍ، فهذا مُجرَّدُ قَضاءِ شَهوةٍ، وفيهِ مَفاسِدُ كثيرةٌ، فكانَ تَحريمُه أَوْلى.
وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ جابرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهم كانوا يَتزوَّجونَ النِّساءَ للمُتعةِ وقَضاءِ الشَّهوةِ، وكانَ ذلكَ مُباحًا ثمَّ حرَّمَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ مِن هَوانِ هذِهِ العَلاقةِ أنَّهم كانُوا يَتراضَوْنَ فيما بيْنَهم «بالقَبضةِ مِنَ التَّمرِ والدَّقيقِ» صَداقًا أو عطيَّةً مِنَ الرَّجُلِ للمَرأةِ، وهو مِقدارٌ قَليلٌ، مِثلُ الأَكْلةِ مِنَ الطَّعامِ، وأخبَرَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم ظلُّوا يَفعَلونَ ذلكَ والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَوجودٌ بينَهم، ثمَّ لمَّا تُوفِّيَ رسولُ اللهِ تَزوَّجوا زَواجَ المُتعةِ في خِلافةِ أَبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، حتَّى نَهى عنهُ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه في خِلافتِه، في شَأنِ الصَّحابيِّ عَمروِ بنِ حُرَيثٍ؛ وكان عَمرٌو رَضيَ اللهُ عنه قدِ استَمتَعَ بامْرأةٍ في عهدِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه، فحمَلَتْ من زَواجِه هذا، ويُحمَلُ قولُ جابرٍ وفِعلُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما على عدَمِ بُلوغِهِم نهْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنها.
وقد أجازَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِكاحَ المُتعةِ في بادئِ الأمرِ، ثُمَّ نَهى عنه بعْدَ ذلك في غَزوةِ خَيْبرَ إلى يَومِ القيامةِ، وحرَّمَها في حجَّةِ الوَداعِ، كما رَوى ذلك البُخاريُّ ومُسلمٌ وغيرُهما.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن زَواجِ المُتعةِ.
وفيه: التَّحذِيرُ مِن فعْلِ ما نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنهُ.
وفيهِ: أنَّ للإمامِ والحَاكِمِ أنْ يُجبِرَ النَّاسَ علَى ما فيهِ مَصلَحةُ المُجتَمعِ.