مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه648
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يتمنى أحدكم الموت "
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «فسَدِّدُوا وقارِبُوا»، أي: اقْصِدُوا الصَّوابَ ولا تُفْرِطُوا فتُجهِدُوا أنفُسَكم في العبادةِ؛ لئلَّا يُفضيَ بكمْ ذلك إلى المَلَل، فتَترُكوا العملَ فتُفَرِّطُوا.
ثمَّ نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن تمنِّي الموتِ؛ لأنَّ الإنسانَ الذي يَتمنَّى الموت إمَّا أنْ يكون عاصيًا ومُسيئًا، وإمَّا أنْ يكونَ طائعًا؛ فإنْ كان مُسيئًا فلعلَّ طُولَ حياتِه يُعطيهِ الفُرصةَ أنْ يَسْتَعْتِبَ، أي: يَطلُبَ رِضا اللهِ بالتَّوبةِ وردِّ المظالم وتَدارُكِ الفائتِ، وإنْ كان طائعًا فلعلَّ طُولَ حياتِه يكونُ سَببًا في زِيادةِ إحسانِه، فيَزدادَ أجرُه، وتَرتفِعَ مَنزلتُه يومَ القيامةِ.
وفي بعضِ الرِّواياتِ عند مسلمٍ أنَّ الإنسانَ يدعو فيقولُ: «واجعَلِ الحياةَ زيادةً لي في كُلِّ خيرٍ، واجعَلِ الموتَ راحةً لي من كُلِّ شَرٍّ»؛ وذلك لأنَّه إذا مات الإنسانُ انقطع أمَلُه وعَمَلُه، وزيادةُ العُمُرِ لا تزيدُ المؤمِنَ إلَّا خيرًا، فنهى عن تمنِّي الموتِ؛ لأنَّه في معنى التبَرُّمِ عن قضاءِ اللهِ في أمرٍ مَنفَعَتُه عائدةٌ على العبدِ في آخِرَتِه.