لمَّا قسَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الغَنائمَ يومَ حُنَينٍ، ولم يُعطِ الأنْصارَ وأعْطى رِجالًا مِن قُرَيشٍ حَديثي عَهدٍ بإسْلامٍ؛ تَأليفًا لقُلوبِهم، وعلِمَ حُزنَ الأنْصارِ مِن ذلك وظَنَّهم أنَّه يُفضِّلُهم عليهم؛ جمَعَهم ليُبيِّنَ لهم فَضْلَهم عندَه، فيَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه في هذا الحَديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَأَلَهم قبْلَ أنْ يُكلِّمَهم: «هلْ فيكم أحدٌ مِن غيرِكم؟» يَعْني: هلْ منَ الحاضِرينَ أحدٌ مِن غيرِ الأنْصارِ؟ فقالوا: «لا، إلَّا ابنُ أُختٍ لنا، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ابنُ أُختِ القَومِ منهم»، أي: كالواحِدِ منهم؛ لأنَّه يُنسَبُ إلى بَعضِهم، وهو أُمُّه، فهو منْهم في المُعاوَنةِ، والانتِصارِ، والبِرِّ، والشَّفَقةِ، ونَحوِ ذلك.
وفي الحَديثِ: حِرصُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الأنْصارِ، وحُبُّه لهم.
وفيه: دَليلٌ على إقامةِ الحُجَّةِ عندَ الحاجةِ إليها.