مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 372
مسند احمد
حدثنا روح، حدثنا زكريا، حدثنا أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها، وذلك في رمضان، فصام رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فضعف ضعفا شديدا، وكاد العطش أن يقتله، وجعلت ناقته تدخل تحت العضاه، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ائتوني به» ، فأتي به، فقال: «ألست في سبيل الله، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أفطر» ، فأفطر،
رَخَّصَتِ الشَّريعةُ للمُسافِرِ أن يُفطِرَ في سَفرِه؛ قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، وقد أفطَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفرِه وأمَر أصحابَه أن يُفطِروا، كُلَّ هذا تَخفيفًا وتَيسيرًا عليهم، لا سيَّما إذا كان السَّفَرُ في الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ، والصَّومُ يُضعِفُ ،المُجاهِدَ
وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّهم كانوا مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غَزوةٍ غَزاها، أي: خُروجًا في إحدى الغَزَواتِ، وذلك في رَمَضانَ، أي: كانت هذه الغَزوةُ في شَهرِ رَمَضانَ، فصامَ رَجُلٌ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فضَعُف ضَعفًا شَديدًا، أي: أدَّى به الصِّيامُ إلى الضَّعفِ الشَّديدِ حتَّى لا يَكادَ يَقوى على المَسيرِ، وكادَ، أي: قارَبَ العَطَشُ أن يَقتُلَه، أي: يُؤَدِّيَ به إلى المَوتِ، وجَعَلت ناقَتُه تَدخُلُ تَحتَ العِضاهِ، وهو كُلُّ شَجَرٍ عَظيمٍ له شَوكٌ، أي: تَمشي بَينَ شَجَرِ العِضاهِ، فأخبَرَ الصَّحابةُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بشَأنِ هذا الرَّجُلِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ائتوني به، أي: ادعوه لي، فأُتي به، أي: فجاؤوا بهذا الرَّجُلِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألستَ في سَبيلِ اللهِ، أي: أنتَ خارِجٌ في الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ، ومَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ أي: أنَّ خُروجَك للجِهادِ في سَبيلِ اللهِ مَعَ رَسولِ اللهِ له فَضلٌ عَظيمٌ يَكفيك عنِ الصِّيامِ، كَما جاءَ في رِوايةٍ: أما يَكفيك في سَبيلِ اللهِ، ومَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حتَّى تَصومَ، ثُمَّ أمَرَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُفطِرَ، فأفطَرَ الرَّجُلُ
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ الفِطرِ في السَّفَرِ
وفيه مَشروعيَّةُ الفِطرِ للمُسافِرِ ولو كان بَدَأ يَومَه بالصِّيامِ
وفيه فَضلُ الجِهادِ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم