مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 517
مسند احمد
حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا جعفر يعني ابن سليمان، حدثنا الجعد أبو عثمان، حدثنا أنس بن مالك، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: شكا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه العطش، قال: فدعا بعس، فصب فيه شيء من ماء، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده، وقال: «اسقوا» ، فاستقى الناس، قال: فكنت أرى العيون تنبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم
أيَّدَ اللهُ سُبحانَه نَبيَّه مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمُعجِزاتِ الماديَّةِ والمَعنويَّةِ؛ ليُثَبِّتَ قُلوبَ الذين آمَنوا بما يقَعُ أمامَ أعيُنِهم
ومنها ما في هذا الحَديثِ، وفيه يقولُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "حضَرَتِ الصلاةُ"، ودخَلَ وَقتُها بالأذانِ، "فقامَ مَن كان قَريبَ الدَّارِ إلى أهلِه"، أي: فذهَبَ مَن كانتْ دِيارُهم قَريبةً مِن المَسجِدِ ليَتوضَّأَ في دارِهِ "فتَوضَّأَ، وبَقيَ قومٌ" لم يَذهَبوا للوُضوءِ، "فأُتيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمِخضَبٍ من حِجارةٍ"، وهو إناءٌ صَغيرٌ مَصنوعٌ من الحِجارةِ، "فيه ماءٌ، فصَغُرَ المِخضَبُ عن أنْ يَملأَ فيه كفَّه"، لم يَتَّسِعِ الإناءُ لصِغَرِه أنْ يُدخِلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كفَّه فيه ليَأخُذَ منه الماءَ، "فضَمَّ أصابِعَه فوَضَعَها في المِخضَبِ"، فأخَذَ الماءَ بأصابِعِه بأقلِّ قَدرٍ، "فتَوضَّأَ القَومُ كلُّهم جَميعًا" مِن هذا الإناءِ الصغيرِ، "فقُلْنا" لأنَسٍ، والقائلُ هنا هو حُمَيدُ بنُ أبي حُمَيدٍ الطَّويلُ، الراوي عن أنَسٍ: "كم كانوا؟ قال: ثَمانينَ رجُلًا"، فكَفاهم الماءُ القَليلُ في هذا الإناءِ الصَّغيرِ بقُدرةِ اللهِ سُبحانَه الذي وضَعَ فيه البَرَكةَ؛ لمَكانةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإظهارًا لمُعجِزةٍ يَراها الناسُ المؤمِنونَ؛ لِيَزدادوا إيمانًا ويَقينًا
وفي الحَديثِ: دَليلٌ على استِخدامِ الأواني مِن جواهِرِ الأرضِ ونَباتِها، وأنَّها طاهرةٌ ولا رَيبَ في استِعمالِها
وفيه: أنَّ اللهَ سُبحانَه يُجري المُعجِزاتِ على أيدي الأنبياءِ؛ لِيُثبِّتَ الإيمانَ في القُلوبِ