مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 60
مسند احمد
حدثنا حجاج، وروح، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه: سمع جابرا، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمش في نعل واحدة، ولا تحتبين في إزار واحد، ولا تأكل بشمالك، ولا تشتمل الصماء، ولا تضع إحدى رجليك على الأخرى إذا استلقيت» ، قلت لأبي الزبير: أوضعه رجله على الركبة مستلقيا؟ قال: «نعم» ، قال: " أما الصماء: فهي إحدى اللبستين، تجعل داخلة إزارك، وخارجته على إحدى عاتقيك "، قلت لأبي الزبير: فإنهم يقولون: لا يحتبي في إزار واحد مفضيا، قال: كذلك سمعت جابرا يقول: «لا يحتبي في إزار واحد» ، قال حجاج: عن ابن جريج، قال عمرو لي: «مفضيا»
علَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه آدابَ كلِّ شيءٍ، ومنها ما في هذا الحديثِ؛
حيثُ يَحكي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهى أنْ يمَسَّ الرَّجلُ ذكَرَهُ بيَمينِه"، أي: نَهَى أنْ يَلمِسَ الإنسانُ عُضْوَه الذُّكوريَّ وعورتَه بيَدِه اليُمنى، قيل: إنْ كان الحديثُ في مَسِّ الذَّكَرِ، لكنْ يُلحَقُ به الدُّبرُ أيضًا، والتَّنصيصُ على الذَّكَرِ لا مفهومَ له، بلْ فرْجُ المرأةِ كذلك، وإنَّما خُصَّ الذَّكَرُ بالذِّكْرِ؛ لكونِ الرِّجالِ في الغالبِ هم الَّذين يُخاطَبون، والنِّساءُ شقائقُ الرِّجالِ في الأحكامِ إلَّا ما خُصَّ، "وأنْ يَمْشِيَ في نَعلٍ واحدةٍ"، النَّعلُ هو ما يُلبَسُ على الرِّجلينِ مِن جِلْدٍ رقيقٍ، والنَّهيُ عن هذه الهيئةِ؛ لأنَّها مِشيةُ الشَّيطانِ، ولأنَّه أيضًا تَشويهٌ ومُخالِفٌ للوَقارِ، وإنَّ الرِّجْلَ المُنْعَلَةَ تَصيرُ أرفَعَ مِنَ الأُخرى، فيَعْسُرُ مَشْيُه، وربَّما كان سببًا لِلعِثارِ، "وأنْ يَلْتحِفَ الصَّمَّاءَ"، أي: ونَهى عَنِ اللِّبْسةِ الصَّمَّاءِ، وهي تَجليلُ الجسدِ كلِّه بِثوبٍ واحدٍ بِلا رفْعِ جانبٍ يُخرِجُ منه اليدَ؛ لأنَّها تَجعَلُ اللَّابسَ كَالمغلولِ، وسُمِّيتِ صمَّاءَ؛ لأنَّ المنافذَ كلَّها سُدَّتِ كالصَّخرةِ الصَّمَّاءِ الَّتي ليس فيها خَرْقٌ ولا صَدْعٌ، "وأنْ يَحْتبِيَ في ثوبٍ ليس على فَرْجِه منه شَيءٌ"، أي: ونَهَى عن هذه اللِّبسةِ، والاحتباءُ: أنْ يَقعُدَ الإنسانُ على أَليَتَيْه ويَنصِبَ ساقَيْهِ، ويَحْتويَ عليهما بِثوبٍ أو نَحوهِ أو بِيدهِ؛ لأنَّه ربَّما تكشَّفَ فرْجُه وعَورتُه