مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 77
مسند احمد
حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني حميد، ح وروح، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن حميد بن قيس الأعرج، عن محمد بن إبراهيم، عن جابر بن عبد الله، " أن رجلا من الأنصار أعطى أمه حديقة [ص:110] من نخل حياتها، فماتت فجاء إخوته، فقالوا: نحن فيه شرع سواء، فأبى، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقسمها بينهم ميراثا "
نظَّمَ الشَّرعُ الحكيمُ أموالَ التَّصدُّقِ والهِباتِ بيْن النَّاسِ، كما نظَّمَ أُمورَ المواريثِ؛ فبيَّنَ حقَّ كلِّ ذي حقٍّ
وفي هذا الحديثِ يَحكي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ رجلًا مِن الأنصارِ أعطى أُمَّه حديقةً مِن نَخْلٍ"، الحديقةُ: هي البُستانُ، "حياتَها"، أي: أعطاها لها على سَبيلِ الهبةِ أو الصَّدقةِ تَنتفِعُ بها مُدَّةَ حياتِها، وهو ما يُعرَفُ بالعُمْرى؛ وهي أنْ يَهَبَ الإنسانُ غيرَه شيئًا مُدَّةَ عُمُرِه، فإذا مات عادَتْ للواهبِ، "فماتَتْ، فجاء إخوتُه فقالوا: نحنُ فيه شَرْعٌ سواءٌ"، أي: نَقسِمُها بالتَّساوي، أو نَقسِمُها مِيراثًا دونَ أنْ يأخُذَها مَن وهَبَها لِأُمِّه، قال جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه: "فأبى"، أي: رفَضَ الذي أعْطى لأُمِّه الحديقةَ، "فاختَصَموا إلى النَّبيِّ"، أي: احتَكَموا إليه؛ لِيَقضيَ بيْنهم، "فقسَمَها بيْنهم مِيراثًا"؛ لأنَّها أصبحَت مِلكًا للأُمِّ، فتُقسَمُ بيْن الورثةِ؛ حيث إنَّ العُمْرى تُصبِحُ مِلكًا للموهوبِ له، وهي لِوَرثتِه مِن بعدِه، ولأنَّه "لا يَحِلُّ لرَجُلٍ أنْ يُعطِيَ عطيَّةً، أو يهَبَ هِبَةً، فيَرجِعَ فيها"، كما في رِوايةِ أبي داودَ