مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 778

مسند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 778

 حدثنا أزهر بن القاسم، وكثير بن هشام، قالا: حدثنا هشام، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: اشتكيت وعندي سبع أخوات لي، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنضح في وجهي فأفقت، فقلت: يا رسول الله، أوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال: «أحسن» قلت: بالشطر؟ قال: «أحسن» قال: ثم خرج وتركني، ثم رجع، فقال: «يا جابر إني لا أراك ميتا من وجعك هذا، فإن الله عز وجل قد أنزل فبين الذي لأخواتك فجعل لهن الثلثين» قال: فكان جابر يقول: " نزلت هذه الآية في: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} [النساء: 176] "

نظَّم الشَّرعُ الحنيفُ أمورَ الميراثِ بكلِّ أصنافِها وتَفاصيلِها؛ حتَّى لا تَكونَ التَّرِكاتُ نَهبًا أو عُرضةً للأهواءِ بينَ النَّاسِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عنهما: "اشتَكيتُ"، أي: مَرِضْتُ وخَشيتُ الموتَ مِن مرَضي، "وعِنْدي سبعُ أخَواتٍ"، أي: يُقيمُ على رِعايتِهنَّ بعدَ موتِ أبيه في غزوةِ أحُدٍ، "فدخَل علَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، فنفَخ في وجهي، فأفَقتُ"، أي: صحَوتُ، فقلتُ: "يا رسولَ اللهِ، ألَا أُوصي لأخَواتي بالثُّلثِ؟" فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "أحْسِنْ"، أي: زِدْ لهنَّ في الوصيَّةِ عن الثُّلثِ، قلتُ: "الشَّطْرِ؟"، أي: نِصْفِ مالِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "أحْسِنْ"، قال جابرٌ رَضِي اللهُ عنه: "ثمَّ خرَج"، أيِ: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، "وترَكَني"، ثمَّ بعدَ ذلك طمْأَنَ النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ جابرًا، فقال له: "يا جابِرُ، لا أُراكَ"، أي: لا أظَنُّك، "ميِّتًا مِن وجَعِك هذا"، أي: مِن مرِضِك، ولعلَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم عَلِم ذلك مِن الوحيِ، أو أنَّ الوجَعَ الَّذي به لا يُهدِّدُ بمَوتٍ، "وإنَّ اللهَ قد أنزَلَ"، أي: آياتٍ، "فبَيَّن الَّذي لأخَواتِك"، أي: ما يَكونُ لهنَّ مِن ميراثٍ، والمرادُ أنَّه ليس في حاجةٍ إلى أن يوصِيَ لهنَّ، "فجَعَل لهنَّ الثُّلثَينِ"، أي: فرَض اللهُ لهنَّ ثُلثَيِ التَّرِكة وهذا إذا كان عدَدُهنَّ اثنتَينِ فأكثرَ
قال أبو الزُّبيرِ محمَّدُ بنُ مُسلِمٍ الَّذي يَروي عن جابرٍ: "فكان جابرٌ يَقولُ: أُنزِلَت هذه الآيةُ فِيَّ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]، والكَلالَةُ: مَن لا أصْلَ له ولا فَرْعَ يَرِثُه، أي: مَن لا ولَدَ له ولا والِدَ
وفي الحديثِ: بيانُ سبَبِ نُزولِ آيةِ الكَلالةِ