مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 878
مسند احمد
حدثنا روح، حدثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أرجو أن يكون من يتبعني من أمتي يوم القيامة، ربع أهل الجنة» قال: فكبرنا. قال: «أرجو أن يكونوا ثلث أهل الجنة» قال: فكبرنا. قال: «أرجو أن يكونوا الشطر»
أُرسِل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَحمةً لنا، فهو الرَّحمةُ المُهداةُ، ما من خَيرٍ إلَّا دَلَّنا عليه، وما من شَرٍّ إلَّا حَذَّرنا منه، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حريصًا على هدايةِ أمَّتِه كُلِّهم
كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]، وممَّا جاءَ مِن حِرصِه على أُمَّتِه أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: أرجو أن يَكونَ مَن يَتبَعُني، أي: مَن يُؤمِنُ بي، مِن أُمَّتي يَومَ القيامةِ، رُبُعَ أهلِ الجَنَّةِ، أي: يَكونُ رُبعُ أهلِ الجَنَّةِ هم مِن أمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. يَقولُ جابِرٌ رَضِيَ اللهُ عنه: فكَبَّرنا، أي: كَبَّرَ الصَّحابةُ لهذا الفَضلِ العَظيمِ؛ لكَونِ أُمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَكونُ رُبُعَ أهلِ الجَنَّةِ. ثُمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أرجو أن يَكونوا، أي: أتباعي مِن أُمَّتي، ثُلُثَ أهلِ الجَنَّةِ، أي: ثُلُثَ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ، يَقولُ جابِرٌ: فكَبَّرنا، أي: كَبَّرَ الصَّحابةُ لهذا الفَضلِ العَظيمِ؛ لكَونِ أُمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَكونُ ثُلُثَ أهلِ الجَنَّةِ. ثُمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أرجو أن يَكونوا، أي: أتباعي مِن أُمَّتي، الشَّطرَ، أي: نِصفَ أهلِ الجَنَّةِ. وإنَّما تَدَرَّج صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في إخبارِهم بالأقَلِّ ثُمَّ الأكثَرِ فالأكثَرِ؛ لئَلَّا تَنقَطِعَ قُلوبُهم بالفرَحِ الكَثيرِ دفعةً، أو بالنَّظَرِ إلى دُخولِهم في دفعاتٍ، أو أوحيَ إليه وَحيًا بَعدَ وَحيٍ، فأخبَرَ بما بَشَّرَ. وقد جاءَ في حَديثٍ آخَرَ أنَّ أُمَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَكونونَ ثُلثَي أهلِ الجَنَّةِ، فيَكونُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَرَ أوَّلًا بحَديثِ الشَّطرِ، ثُمَّ تَفضَّلَ اللَّهُ سُبحانَه بالزِّيادةِ، فأعلَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بها، وأخبَرَ أُمَّتَه عنها بَعدَ ذلك
وفي الحَديثِ بَيانُ أنَّ أكثَرَ أهلِ الجَنَّةِ هم مِن أُمَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه مَشروعيَّةُ التَّكبيرِ للعَجَبِ والفرَحِ التَّامِّ، والاستِبشارِ والاستِعظامِ