مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 224
حدثنا عبد الله بن يزيد، عن داود يعني ابن أبي الفرات، عن إبراهيم، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: " صلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، بالناس يوم فطر ركعتين بغير أذان ولا إقامة، (1) ثم خطب بعد الصلاة، ثم أخذ بيد بلال، فانطلق إلى النساء فخطبهن، ثم أمر بلالا بعد ما قفى من عندهن أن يأتيهن فيأمرهن أن يتصدقن "
كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بموعظة يوم العيد؛ نظرا لاجتماع الناس فيها، فتعم الفائدة، وينتشر العلم
وفي هذا الحديث يخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه حضر مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد في يوم عيد فطر أو أضحى، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد أولا، ثم خطب خطبة العيد، ولم يكن لصلاة العيد أذان ولا إقامة، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا بعدما انتهى من صلاة العيد، مستندا على بلال بن رباح رضي الله عنه، فأمر الحاضرين أن يتقوا الله في جميع أحوالهم؛ بأن يجعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية؛ وذلك يكون بفعل ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأمرهم بطاعة الله عز وجل، وشجعهم عليها، «ووعظ الناس»، أي: أمرهم بالمعروف، وفعل الخير، وما إلى ذلك من الموعظة، وذكرهم بالله، ثم ذهب ورحل من مكان خطبته عند الرجال حتى أتى مصلى النساء؛ ليخطب فيهن، فوعظ النبي صلى الله عليه وسلم النساء، وذكرهن بالله، فقال: «تصدقن»، أي: أخرجن صدقة من أموالكن؛ «فإن أكثركن حطب جهنم»، كما قال تعالى: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة} [البقرة: 24]، والحطب: هو الخشب اليابس الذي يتخذ وقودا للإشعال؛ فالمعنى هنا: أن أكثر النساء وقود النار، فقامت امرأة من وسط النساء، «سفعاء الخدين»، أي: تغير لون خديها إلى السواد، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن سبب ذلك أن النساء يكثرن من الشكوى، ولا يرضين بالقليل، «وتكفرن العشير»، أي: تنكرن فضل أزواجكن، وتجحدن حقوقهم عليكن، وقد فسره في رواية أخرى في الصحيحين بقوله: «لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط!» فتقابل ذلك الإحسان بالجحود والإنكار؛ فقد غلب استيلاء الكفران على فعلها، فكأنها مصرة عليه، والإصرار يجعل الذنب اليسير كبيرا؛ وذلك أن حق الزوج عظيم، فيجب عليها شكره، والاعتراف بفضله؛ لقيامه على أمورها، وصيانته وحفظه لها، وبذل نفسه في ذلك، وقد أمر الله من أسديت إليه نعمة أن يشكرها؛ فكيف بنعم الزوج التي يسبغها على المرأة في عمرها كله؟!
ثم أخبر جابر رضي الله عنه أن النساء لما سمعن ذلك، أخرجن صدقة من الحلي الذي يرتدينه، ومن الزينة التي يلبسنها، ويضعن الصدقة في حجر بلال وهو فاتح ثوبه يجمع منهن الصدقة، «من أقرطتهن» جمع قرط، وهو ما يعلق في الأذن من الحلي، «وخواتمهن» جمع خاتم، وهو ما يوضع في الأصابع من الزينة
وفي الحديث: بيان أن صلاة العيد قبل الخطبة لا بعدها، وأنها ليس لها أذان ولا إقامة
وفيه: الحث على الصدقة.
وفيه: تحذير النساء من كثرة الشكوى، وكفران عشرة الأزواج.
وفيه: تخصيص النساء بموعظة يوم العيد.