‌‌مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 5

‌‌مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 5

حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس الخبر كالمعاينة "

 قَوْلُهُ لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ  : قَالَ السَّخَاوِيُّ فِي "الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ " : رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَابْنُ مَنِيعٍ ، وَالطَّبَرَانِيُّ ، وَالْعَسْكَرِيُّ ، وَأَفَادَ أَنَّ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ زِيَادَةٌ : "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمُوسَى : إِنَّ قَوَّمَكَ فَعَلُوا كَذَا وَكَذَا ، فَلَمَّا عَايَنَ ، أَلْقَى الْأَلْوَاحَ " .

وَفِي لَفْظٍ : "أَنَّ مُوسَى أُخْبِرَ أَنَّ قَوْمَهُ قَدْ ضَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ ، فَلَمْ يُلْقِ الْأَلْوَاحَ ، فَلَمَّا رَأَى مَا أَحْدَثُوا ، أَلْقَى الْأَلْوَاحَ " .

وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ حِبَّانَ ، وَالْحَاكِمُ ، وَغَيْرُهُمَا ، وَأَوْرَدَ الضِّيَاءُ فِي "الْمُخْتَارَةِ " : وَقَوْلُ ابْنِ عَدِيٍّ : إِنَّ هُشَيْمًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي بِشْرٍ ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ

 أَبِي عَوَانَةَ عَنْهُ ، فَدَلَّسَهُ ، لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ، وَابْنُ عَدِيٍّ ، وَأَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ فِي "الْإِرْشَادِ" مِنْ حَدِيثِ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا أَوْرَدَهُ الضِّيَاءُ فِي "الْمُخْتَارَةِ " ، وَفِي لَفْظٍ : "لَيْسَ الْمُعَايِنُ كَالْمُخْبَرِ " .

قَالَ الْعَسْكَرِيُّ : أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُهْجَمُ عَلَى قَلْبِ الْمُخْبَرِ مِنَ الْهَلَعِ بِالْأَمْرِ وَالِاسْتِفْظَاعِ لَهُ مِثْلُ مَا يُهْجَمُ عَلَى قَلْبِ الْمُعَايِنِ .

وَطَعَنَ بَعْضُ الْمُلْحِدِينَ فِي حَدِيثِ مُوسَى - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ، فَقَالَ : لَمْ يُصَدِّقْ مَا أَخْبَرَهُ رَبُّهُ ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ ، أَوْ شَكَّ فِيمَا أَخْبَرَهُ ، وَلَكِنْ لِلْعِيَانِ رَوْعَةٌ هِيَ إِزْكَاءٌ لِلْقَلْبِ ، وَأَبْعَثُ لِهَلَعِهِ مِنَ الْمَسْمُوعِ ، قَالَ : وَمِنْ هَذَا قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [الْبَقَرَةُ : 260] ; أَيْ : بِيَقِينِ النَّظَرِ ; لِأَنَّ لِلْمُشَاهَدَةِ وَالْمُعَايَنَةِ حَالًا لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ ، انْتَهَى .

وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ : [مِنَ الْوَافِرِ]

وَلَكِنْ لِلْعِيَانِ لَطِيفُ مَعْنًى مِنْ أَجْلِهِ سَأَلَ الْمُعَايِنَةَ الْكَلِيمُ انْتَهَى كَلَامُ السَّخَاوِيِّ .