مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 635
حدثنا يونس، حدثنا عبد الواحد، حدثنا سليمان الشيباني، قال: حدثنا يزيد بن الأصم، قال: دعانا رجل، فأتى بخوان عليه ثلاثة عشر ضبا، قال: وذاك عشاء، فآكل وتارك، فلما أصبحنا غدونا على ابن عباس فسألته، فأكثر في ذلك جلساؤه، حتى قال بعضهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا آكله ولا أحرمه ". قال: فقال ابن عباس: بئس ما قلتم، إنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلا ومحرما، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ميمونة، وعنده الفضل بن عباس وخالد بن الوليد وامرأة، فأتي بخوان عليه خبز، ولحم ضب، قال: فلما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناول، قالت له ميمونة: إنه يا رسول الله لحم ضب. فكف يده، وقال: " إنه لحم لم آكله، ولكن كلوا " قال: فأكل الفضل بن عباس وخالد بن الوليد والمرأة، قال: وقالت ميمونة: لا آكل من طعام لم يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)
أحَلَّ اللهُ سُبحانَه الطَّيِّباتِ لِلنَّاسِ وحَرَّمَ عليهمُ الخَبائِثَ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا كَرِه طَعامًا تَرَكَه ولَمْ يعِبْه أو يَمنَعْهُ على أحدٍ إلَّا أنْ يكونَ مُحرَّمًا
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رجُلًا سَأل رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهوَ على المِنْبرِ يَخطُبُ عن حُكمِ أكْلِ الضَّبِّ، وهو حَيوانٌ مِن جِنسِ الزَّواحِفِ يَكثُرُ في الصَّحارِي العَربِيَّةِ، وهوَ مَعروفٌ عِندَ العَربِ واعْتادوا أكْلَه. فأجابَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّهُ لا يُحرِّمُه، أي: إنَّ عدَمَ أكلِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للضَّبِّ لأنَّ نَفْسَه تَكرَهُه، وَلا تَميلُ إليه، لا مِن أجْلِ أنَّه حَرامٌ
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَكُنْ يُحرِّمُ أو يُحلِّلُ بما يَشْتَهي أو يَكْرَهُ، بلْ بما يُوحَى إليه
وفيه: أكْلُ لحمِ الضبِّ
وفي: أنَّ النُّفوسَ قدْ تَعافُ بعْضَ ما يَتناوَلُه غيرُها، وأنَّ ذلكَ لا يُنسَبُ إلى ترَفٍ ولا إلى كِبرٍ