مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 669
حدثنا سليمان بن داود، حدثنا هشام يعني الدستوائي، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تفتخروا بآبائكم الذين ماتوا (1) في الجاهلية، فوالذي نفسي بيده، لما يدهده الجعل بمنخريه، خير من آبائكم الذين ماتوا في الجاهلية " (2)
كان في بعض الصحابة رضي الله عنهم في أول الإسلام بعض موروثات الجاهلية، والتي جاء الإسلام لمنعها وتحريمها ونزعها من النفوس، ومن تلك الموروثات الافتخار بالآباء
وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا"، أي: إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم أن يمتنعوا عن الافتخار بالآباء وما لهم من نسب، وذلك لمن مات على الكفر منهم، "إنما هم"، أي: هؤلاء الآباء الذين يفتخرون بهم، "فحم جهنم"، أي: وقودها، "أو ليكونن"، أي: الذين يفتخرون بنسبهم إلى أهل الكفر، "أهون"، أي: أذل، "على الله من الجعل"، والجعل: دويبة سوداء، وهي ما تعرف اليوم بالخنفساء، "الذي يدهده"، أي: يدحرج، "الخراء بأنفه"، أي: بواسطة أنفه، والخراء: اسم لهيئة ما يخرجه الإنسان من فضلات، والمراد: إظهار ما يكون لهؤلاء المفتخرين من الذل والهوان عند الله بأقل من هذه الخنفساء، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أذهب عنكم"، أي: أزال ورفع، "عبية الجاهلية"، أي: ما كان منها من كبر، "وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي"، أي: إن المفاضلة بين العباد عند الله عز وجل تكون على ما عند الإنسان من تقوى وإيمان بالله تعالى، كما قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13]
"الناس كلهم بنو آدم"، أي: سواء، "وآدم خلق من تراب"، أي: بيان لقدر المادة التي خلق منها الإنسان والتي لا تؤسس للفخر والكبر، بل للتواضع
وفي الحديث: النهي عن التفاخر والكبر
وفيه: الحث على التقوى والتقرب بها إلى الله تعالى
وفيه: التحذير من الفجور وكل ما يؤدي إليه