مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 675
- حدثنا عبد الصمد، وعفان، قالا: حدثنا ثابت، حدثنا (1) هلال، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: " قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصبح، في دبر كل صلاة، إذا قال: سمع الله لمن حمده، من الركعة الأخيرة، يدعو عليهم، على حي من بني سليم، على رعل وذكوان وعصية، ويؤمن من خلفه، أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام، فقتلوهم " (2) قال عفان، في حديثه: قال: وقال عكرمة: " هذا كان مفتاح القنوت "
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتقرب إلى الله بالدعاء على كل حال، ومن ذلك دعاء القنوت الذي يدعو به في صلاته، وفي هذا الحديث يخبر محمد بن سيرين: "أن أنس بن مالك سئل: هل قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح؟"، والقنوت: هو الدعاء لله سبحانه، فقال أنس رضي الله عنه: "نعم"، أي: قنت النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل لأنس: "قبل الركوع أو بعده؟"، أي: وقت قنوته، فقال أنس رضي الله عنه: "بعد الركوع"، أي: بعد قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الركوع يشرع في القنوت، فإذا ما انتهى من القنوت نزل إلى السجود؛ قيل: إن قنوته صلى الله عليه وسلم هذا كان بسبب، وهو الدعاء على القبائل التي غدرت ببعثه، وقتلوا سبعين من قراء الصحابة رضي الله عنهم، وقد جاء في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه، أنه قال: "إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا"، ولعل سؤال السائل عن القنوت في صلاة الفجر دون غيرها؛ لأن أناسا زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الفجر قنوتا راتبا ودائما، فسألوا أنس بن مالك فأوضح لهم أن القنوت في الفجر كان قنوتا لنازلة قتل القراء، وكانت مدته شهرا، وأن ذلك كان بدء القنوت ولم يكونوا يقنتون قبل ذلك ولا بعده، وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، قال: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على حي من أحياء العرب، ثم تركه"
وفي مشروعية القنوت في الصلوات غير الوتر خلاف كثير، ولعل أقرب الأقوال: أن القنوت المشروع هو القنوت عند النوازل، وأما القنوت الوارد في الصبح، أو غيرها؛ فالمراد به تطويل القيام بالأذكار؛ فبهذا تتفق الأحاديث والآثار المروية في هذا الباب، وينبغي عند نزول النازلة القنوت في كل الصلوات، وألا تخص به صلاة دون صلاة؛ لما أخرج الإمام أحمد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصبح؛ في دبر كل صلاة، إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة، يدعو عليهم؛ على حي من بني سليم، على رعل وذكوان وعصية، ويؤمن من خلفه"