مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 763
- حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: " لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه، خير له من أن يأخذ عليها كذا وكذا " - لشيء معلوم - قال: قال ابن عباس: " وهو الحقل، وهو بلسان الأنصار: المحاقلة " (1)
كان في الجاهلية أنواع من البيوع تشتمل على نوع من الغرر والجهالة، فجاء الإسلام فرشد أنواعا منها، ونهى عن غيرها
وفي هذا الحديث يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "إن خير ما أنتم صانعون"، أي: من أفضل الأعمال التي تفعلونها ، "أن يؤاجر أحدكم أرضه بالذهب والورق"، أي: يعطيها لغيره نظير أجرة من ذهب أو ورق بكسر الراء، وهي الفضة، والمراد بالذهب والورق: الدنانير والدراهم، وقيل: النقد عامة، ولعل ثناء ابن عباس على إجارة الأرض بالذهب والفضة لما كان موجودا من إجارتها ببعض ما يخرج منها من ثمار، وما فيه من غرر وجهالة وضرر لبعض الأطراف، ويبين ذلك ما جاء عند الترمذي، عن عمرو بن دينار وابن طاوس، عن طاوس (أنه كان يخابر، قال عمرو: فقلت له: يا أبا عبد الرحمن، لو تركت هذه المخابرة؛ فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة، فقال: "أي عمرو، إني أعينهم وأعطيهم, وإن معاذ بن جبل رضي الله عنه أخذ الناس عليها عندنا, وإن أعلمهم- يعني ابن عباس رضي الله عنهما- أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم المزارعة, ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض، خرج إلى أرض تهتز زرعا، فقال: لمن هذه؟ فقالوا: اكتراها فلان, فقال: أما إنه لو يمنح الرجل أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليها خرجا معلوما"؛ فـلم ينه عن كرائها، قال: وقال ابن عباس: هو الحقل، وهو بلسان الأنصار: المحاقلة"؛ فقال العلماء: إن المنهي عنه من المزارعة هو المجهول منه دون المعلوم؛ لأنه كان من عادتهم أن يشترطوا فيها شروطا فاسدة, وأن يستثنوا من الزرع ما على السواقي والجداول, ويكون خاصا لرب الأرض, والمزارعة شركة، وحصة الشريك لا يجوز أن تكون مجهولة، وقد يسلم ما على السواقي ويهلك سائر الزرع, فيبقى المزارع لا شيء له، وهذا غرر وخطر