مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 87
حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من بني عامر، فقال: يا رسول الله، أرني الخاتم الذي بين كتفيك، فإني من أطب الناس. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أريك آية؟ " قال: بلى، قال: " فنظر إلى نخلة "، فقال: " ادع ذلك العذق "، قال: فدعاه، فجاء ينقز، حتى قام بين يديه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ارجع "، فرجع إلى مكانه، فقال العامري: يا آل بني عامر، ما رأيت كاليوم رجلا أسحر
تَحمَّل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم المصاعِبَ والأذى في سَبيلِ نشْرِ الإسلامِ ودعوةِ الحقِّ، وقد أيَّدَه اللهُ تعالى وثبَّت قلبَه بالمعجزاتِ والآياتِ
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لبعضِ هذه المعاني، حَيث يَقولُ أَنسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنه: "جاء جِبريلُ عليه السَّلامُ ذاتَ يومٍ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وهو جالِسٌ حَزينٌ قد خُضِب بالدِّماءِ"، أي: قد طُلِي بالدِّماءِ مِن أثَرِ سيَلانِ الدَّمِ منه، "قد ضَرَبَه بعضُ أهلِ مكَّةَ"، أي: آذَوْه وضرَبوه حتَّى أُدْمِي، فقال له جبريلُ عليه السَّلام: "ما لَك؟" وهذا مِن المواساةِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فعَل بي هؤلاءِ وفعَلوا"، أي: يَشْكو ويبُثُّ له أذَى قومِه، فقال جبريلُ: "أتُحِبُّ أنْ أُرِيَك آيةً؟"، أي: علامةً ومعجِزةً لِتثُبِّتَه وتُزيلَ عنه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نعَم أرِني"، قال أنسٌ رَضِي اللهُ عَنه: "فنَظَر إلى شَجرةٍ مِن وراءِ الوادي"، أي: أبصَر جِبريلُ شجرةً عن بُعدٍ، فقال للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ادْعُ تلك الشَّجرةَ"، أي: نادِها وأْمُرْها أن تَأتِيَ لك، قال أنسٌ: "فدَعاها فجاءَت تَمْشي حتَّى قامَت بين يدَيْه"، أي: حتَّى وقَفَتْ بينَ يدَيه، قال جبريلُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "قُل لها فلْتَرجِعْ، فقال لها، فرَجَعَتْ حتَّى عادَت إلى مكانِها"، وهذا مِن تسخيرِ اللهِ وأمرِه للشَّجرةِ أن تُطيعَ أمْرَ رسولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "حَسْبي"، أي: تَكْفيني هذه النِّعمةُ والمعجزةُ أن تُفرِّجَ ما بي
وفي الحديثِ: تثبيتُ اللهِ لنَبيِّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالمعجِزاتِ