مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 876
حدثنا محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس: أن امرأة من خثعم سألت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة، أفأحج عنه؟ فقال: " نعم، حجي عن أبيك " (2)
الحج ركن من أركان الإسلام، وأداؤه واجب على كل مستطيع، كما أن نذر الحج يجعله دينا في عنق الناذر، حتى يقضيه أو يقضى عنه، كما في هذا الحديث؛ حيث يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "قال رجل: يا نبي الله، إن أبي مات ولم يحج" حجة الفريضة، "أفأحج عنه؟" بالنيابة في أداء المناسك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أرأيت لو كان على أبيك دين"، أي: دين بمال لأحد الناس، "أكنت قاضيه؟" بدفع المال إلى الدائن؟ "قال: نعم، قال: فدين الله أحق"، وهذا يدل على أن الرجل كان قادرا على الحج قبل موته، فأصبح الحج دينا في رقبته؛ فشرعت النيابة في الحج ليرفع وزر التقصير عمن لم يحج؛ فالعبادات أنواع: عبادات مالية محضة؛ كالزكاة، وهذه تشرع النيابة فيها، وعبادات بدنية محضة؛ كالصلاة، وهذا النوع لا تشرع النيابة فيه، وعبادات مركبة منهما؛ كالحج، وهذا النوع تشرع النيابة فيه عند العجز وعدم القدرة على الأداء، أو الموت، وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم الحج الذي عليه بالدين، وهو واجب القضاء؛ لأنه حق للآدميين، والحج حق لله تعالى؛ فكان قضاء حقه تعالى أوثق وأولى من قضاء حق الآدميين، وهذا لا يبعد في كرم الله وفضله؛ أنه إذا حج الولي عن الميت أن يعفو الله عن الميت بذلك، ويثيبه عليه، أو لا يطالبه بتفريطه