مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 913
حدثنا هشيم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم، فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا، ومن أبنائنا من هو مثله؟ فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم، فسألهم عن هذه السورة: إذا جاء نصر الله والفتح فقالوا: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إذا فتح عليه أن يستغفره ويتوب إليه. فقال لي: ما تقول يا ابن عباس؟ قال: قلت: ليست كذلك، ولكنه أخبر نبيه عليه الصلاة والسلام بحضور أجله، فقال: {إذا جاء نصر الله والفتح} [النصر: 1] " فتح مكة "، {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا} [النصر: 2] " فذلك علامة موتك "، {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} [النصر: 3] . فقال لهم: " كيف تلوموني على ما ترون " (1)
قوله: "فقال عمر: إنه ممن قد علمتم": يحتمل أن المراد أنه ممن ستعلمون، فعبره بالماضي تنبيها على أن جهة التقدم فيه متحققة بحيث كأنكم قد علمتم بها
ويحتمل أن المراد: أنه كما قلتم: إنه مثل أبنائكم سنا; أي: لكني أقدمه لمعنى سيظهر، فترك ذكر ذلك; لأن مراده أن يبين لهم ذلك عيانا، والله تعالى أعلم
"ليست كذلك": أي: ليست الآية على ما ذكروا في معناه; فإن حاصل ما ذكروه: أنه أمر بأن يستغفر ويتوب؛ شكرا لما من الله عليه من الفتح، أي فتح كان، وليس الأمر كذلك، بل أمر أن يستعد للآخرة بالاستغفار والتوبة حين فتح مكة له; لأنه علامة لحضور أجله، وتمام دينه، وبين المعنيين فرق بعيد، والله تعالى أعلم