مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما 98
مسند احمد
حدثنا عبد الصمد، وعفان، قالا: حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، أن رجلا جاء فقال: اللهم اغفر لي ولمحمد، ولا تشرك في رحمتك إيانا أحدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من قائلها؟ " فقال الرجل: أنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد حجبتهن عن ناس كثير "
كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُعلِّمًا رَحيمًا، ومُؤدِّبًا رَفيقًا، ومُربِّيًا حَليمًا، فكانَ إذا رأى خطأً لا يُعنِّفُ ولا يَزجُرُ ولا يُنفِّرُ، وإذا رأى صَوابًا مدَحَهُ، وأثْنى عليهِ وشَكَرَ له.
وفي هذا الحَديثِ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام في صَلاةٍ وقام الصَّحابةُ يُصلُّون معه، وفي أثناءِ الصَّلاةِ قال أعْرابيٌّ -وهو ذو الخُوَيصِرةِ اليَماني رَضِيَ اللهُ عنه، وهو الأعرابيُّ الذي بال في المسجِدِ، وقيل: هو الأقرعُ بنُ حابسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، والأعرابيُّ هو من يسكُنُ الصَّحراءَ مِنَ العَرَبِ-: «اللَّهمَّ ارحَمْني ومحمَّدًا، ولا تَرحَمْ معنا أحدًا»، فهو يَطلُبُ في دُعائِه الرَّحمةَ لنَفسِه وللنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويَمنَعُها عن باقي المسلِمين، وهذا دليلٌ على قِلَّةِ فِقهِ هذا الأعرابيِّ، وأنَّه لم يكُنْ مِن أهلِ المعرفةِ باللهِ سُبحانه؛ فإنَّ اللهَ سُبحانه يقولُ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]، فلمَّا سَلَّم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وانتهى مِن الصَّلاةِ، قال للأعرابيِّ: «لقدْ حجَّرْتَ واسعًا!»، أي: ضيَّقْتَ وخصَّصْتَ ما هو عامٌّ مِن فَضلِ اللهِ سُبحانه وجُودِه ورَحمتِه الَّتي وسِعَتْ كلَّ شَيءٍ.
وفي الحَديثِ: عدَمُ مَشروعيَّةِ الدُّعاءِ بما لا يَجوزُ.