مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما43
مسند احمد
حدثنا ابن نمير، حدثنا عثمان بن حكيم، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد الله بن عمرو، قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب عمرو بن العاص يلبس ثيابه ليلحقني، فقال ونحن عنده: " ليدخلن عليكم رجل لعين " فوالله ما زلت وجلا، أتشوف داخلا
أثنى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أقوامٍ بأعيانِهم، وكذلك لعنَ وعابَ أقوامًا بأعيانِهم؛ لِما فيهم مِنَ الشَّرِّ أوِ الخُبثِ والإيذاءِ للمُسلمينَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ عبدُ اللَّهِ بنُ عَمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما أنَّهم كانوا أي: الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم، جُلوسًا عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد ذَهَبَ عَمرُو بنُ العاصِ يَلبَسُ ثيابَه ليَلحَقَني، أي: أنَّ عَمرًا والِدَ عبدِ اللَّهِ كان ما زال في البَيتِ يَلبَسُ ثيابًا له، ثُمَّ يَأتي ويَلحَقُ بعبدِ اللَّهِ في الحُضورِ لمَجلِسِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ففي رِوايةٍ: أتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وتَرَكتُ أبي يَلحَقُني. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والصَّحابةُ عِندَه: ليَدخُلَنَّ عليكُم رَجُلٌ لَعينٌ، أي: الآنَ سَوف يَدخُلُ رَجُلٌ مَلعونٌ أو مُستَحِقُّ اللَّعنِ، وهو الطَّردُ والإبعادُ مِن رَحمةِ اللهِ. يَقولُ عَبدُ اللَّهِ: فواللهِ ما زِلتُ وَجِلًا، أي: ظَلَلتُ خائِفًا فَزِعًا، أتَشوَّفُ داخِلًا وخارِجًا، أي: أنظُرُ الدَّاخِلَ والخارِجَ، وإنَّما فزِعَ عبدُ اللَّهِ بنُ عَمرٍو خَشيةَ أن يَكونَ والِدُه هو المَقصودَ باللَّعنِ؛ لأنَّه تَرَكَه يَلبَسُ ليَلحَقَ به إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلم يَزَلْ خائِفًا أن يَكونَ أوَّلَ مَن يَدخُلُ والِدُه، حتَّى دَخَل فلانٌ، أي: زال وَجَلُه حينَ دَخَل فلانٌ، وكان الدَّاخِلُ هو الحَكَمَ. والمُرادُ به الحَكَمُ بنُ أبي العاصِ والِدُ مَروانُ بنُ الحَكَمِ، أسلَمَ يَومَ فتحِ مَكَّةَ وسَكَن المَدينةَ ثُمَّ نَفاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الطَّائِفِ، ومَكَثَ بها حتَّى أعادَه عُثمانُ في خِلافتِه وماتَ بها، وإنَّما لعنَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَعَ حِلمِه وإغضائِه على ما يَكرَهُ، ما فَعَل به ذلك إلَّا لأمرٍ عَظيمٍ.
وفي الحَديثِ بَيانُ لَعنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأشخاصٍ بأعيانِهم .