‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما5

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما5

حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صمت نجا "

 اللِّسانُ نِعمةٌ عظيمةٌ إذا أحسنَ المرءُ استعمالَه، ولكنْ وكَثيرٌ من الناسِ إذا تكلَّم، فيتكلَّمُ بما يُؤاخَذُ عليه في الآخِرَةِ، وإنَّما يَكُبُّ الناسَ على وُجوهِهم في النارِ حَصائِدُ أَلْسِنَتِهم من الشَّرِّ.

 وفي هذا الحديثِ يقولُ الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَنْ صَمَتَ نَجا"، أي: مَنْ سَكَتَ عن كُلِّ ما يُسبِّبُ له السَّيِّئاتِ، ويُبعِدُه عن الطاعَةِ والحَسَناتِ من شَرٍّ، فقد نَجا من جهنَّمَ وفازَ وَظَفَرَ بِكُلِّ خَيْرٍ، أو نَجا من آفاتِ الدارَيْنِ، وفازَ بالعاقِبَةِ الحَسَنةِ في الآخِرَةِ.

 ولَفْظةُ الصَّمْتِ أبْلَغُ، وأَفْصَحُ من مُطلَقِ السُّكوتِ؛ لأنَّ الصَّمْتَ يُطلَقُ على المتكلِّمِ، وغيْرِ المتكلِّمِ، بخِلافِ السُّكوتِ، فلا يُطلَقُ إلَّا على مَن يَسْتطيعُ الكَلامَ ابْتِداءً، ويَنْبَغي أنْ يُعرَفَ أنَّ الكَلامَ بالخيْرِ، والأَمْرَ بالمَعْروفِ والنَّهْيَ عن المُنْكَرِ، وإدْمانَ ذِكْرِ اللهِ بكُلِّ أنْواعِه، وتِلاوَةَ القُرآنِ أفْضَلُ من الصَّمْتِ؛ لأنَّ الكَلامَ بذلِك غَنيمَةٌ، والصَّمْتُ سَلامَةٌ، والغَنيمَةُ فوْقَ السَّلامَةِ.

وفي الحديثِ: الحثُّ على الوصولِ إلى النَّجاةِ بلُزومِ الصمتِ عن الشرِّ.