مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 32
مستند احمد
حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله بن مسعود: دخل النبي صلى الله عليه وسلم، وحول الكعبة ستون [ص:63] وثلاث مائة نصب، فجعل يطعنها بعود كان بيده، ويقول: " {جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} [سبأ: 49] ، {جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} [الإسراء: 81] "
قال اللهُ تعالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62]، فالإسلامُ والتَّوحيدُ هما الحقُّ المُبينُ، والشِّركُ وعِبادةُ الأوثانِ هَما الباطلُ، وقدْ عَمِلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على نشْرِ الإسلامِ وإقامةِ التَّوحيدِ، وهَدْمِ الشِّركِ والأوثانِ، حتَّى أتمَّ اللهُ به نُورَه في العالَمِين
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا نَصَرَ اللهُ نَبيَّه وفَتَحَ عليه مكَّةَ في رَمَضانَ في العامِ الثَّامنِ مِن الهِجرةِ، دخَلَها وحَولَ الكَعبةِ ثَلاثُ مِئةٍ وسِتُّونَ نُصُبًا، وهي حِجارةٌ كانوا يَنصِبُونها في الجاهليَّةِ ويَتَّخِذونها صَنَمًا يَعبُدونه، فجَعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَطعُنُ هذه الأصنامَ بِعُودٍ كان في يَدِه، وهذا الفِعلُ فيه إذلالٌ لِلأصنامِ وعابِدِيها، وإظهارُ أنَّها لا تَضُرُّ ولا تَنفَعُ ولا تَدفَعُ عَن أنفُسِها شيئًا، وجعَلَ يقولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، ومعْنى الآيةِ: وقُلْ أيُّها الرَّسولُ الكريمُ -على سَبيلِ الشُّكرِ لرَبِّك، والاعترافِ له بالنِّعمةِ، والاستبشارِ بنَصْرِه-: جاء الحقُّ الَّذي أرْسَلَني به اللهُ تعالَى، وظَهَرَ على كلِّ ما يُخالِفُه مِن شِركٍ وكُفْرٍ، وزَهَقَ الباطلُ، واضْمَحَلَّ وُجودُه وزالَت دَولتُه، إنَّ الباطلَ كان غيرَ مُستقِرٍّ وغيرَ ثابتٍ في كلِّ وقْتٍ. وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ قَولِ هذه الآيةِ عندَ إزالةِ المُنكَرِ