مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 470
مسند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: مر بي رسول الله وأنا أصلي، فقال: «سل تعطه يا ابن أم عبد» فقال عمر: «فابتدرت أنا وأبو بكر، فسبقني إليه أبو بكر، وما استبقنا إلى خير، إلا سبقني إليه أبو بكر» فقال: " إن من دعائي الذي لا أكاد أن أدع: اللهم إني أسألك نعيما [ص:231] لا يبيد، وقرة عين لا تنفد، ومرافقة النبي محمد في أعلى الجنة جنة الخلد "
جيلُ الصَّحابةِ خَيرُ القُرونِ، وهم أيضًا خَيرُ هذه الأمَّةِ، أثنى اللهُ تعالى عليهم، ومَدَحَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبَيَّنَ فضلَهم في أحاديثَ كَثيرةٍ؛ وذلك لِما قاموا به من نُصرةِ هذا الدِّينِ والجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالى، ومِن خيرةِ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصَّحابيُّ الجَليلُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه
وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ ابنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَخل المَسجِدَ وهو بَينَ أبي بَكرٍ وعُمَرَ، أي: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وسَطَهما، أحَدُهما عن يَمينِه والآخَرُ عن يَسارِه، فوجَدوا في المَسجِدِ عَبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ قائِمًا يُصَلِّي، وإذا هو يَقرَأُ سورةَ النِّساءِ حتَّى وصَل في قِراءَتِه إلى رَأسِ المِئةِ، أي: الآيةِ رَقم مِئةٍ، فجَعل ابنُ مَسعودٍ يَدعو وهو قائِمٌ يُصَلِّي، أي: أخذ ابنُ مَسعودٍ يَدعو في صَلاتِه وهو قائِمٌ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَستَمِعُ له، ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اسألْ تُعطَه، اسأل تُعطَه، أي: ادعُ اللَّهَ يا بنَ مَسعودٍ وسَلْه حاجَتَك، فما مِن شَيءٍ تَسألُه إلَّا أعطاك اللهُ إيَّاه. ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن سَرَّه، أي: مَن أحَبَّ وأرادَ أن يَقرَأ القُرآنَ غَضًّا كَما أُنزِلَ. الغَضُّ: الطَّريُّ الذي لم يَتَغَيَّرْ، أي: كَما أنزَله اللهُ، فليَقرَأْه بقِراءةِ ابنِ أُمِّ عَبدٍ، وهو لقَبٌ لابنِ مَسعودٍ، أي: فليَقرَأِ القُرآنَ بالكَيفيَّةِ والطَّريقةِ التي يقرَأُ بها عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ. فلمَّا أصبَحَ غَدا إليه أبو بَكرٍ ليُبَشِّرَه، أي: لمَّا كان في الصَّباحِ ذَهَبَ أبو بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه إلى ابنِ مَسعودٍ حتَّى يُبَشِّرَه بأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال له: اسألْ تُعطَه. وقال أبو بَكرٍ لابنِ مَسعودٍ: ما سَألتَ اللَّهَ البارِحةَ؟ وهيَ أقرَبُ ليلةٍ مَضَت، أي: ما الدُّعاءُ الذي دَعَوتَ اللَّهَ به يا بنَ مَسعودٍ عِندَما كُنتَ تُصَلِّي في المَسجِدِ؟ فقال ابنُ مَسعودٍ: قُلتُ: اللهُمَّ إنِّي أسألُك إيمانًا لا يَرتَدُّ، أي: ثابتًا مُستَقِرًّا لا يَتَحَوَّلُ ويَزولُ، ونَعيمًا لا يَنفَدُ، أي: لا يَنتَهي، ومُرافقةَ مُحَمَّدٍ في أعلى جَنَّةِ الخُلدِ، أي: أن أكونَ مِمَّن يُرافِقُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الجَنَّةِ. ثُمَّ جاءَ عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه إلى ابنِ مَسعودٍ حتَّى يُبَشِّرَه، فقيل لعُمَرَ: إنَّ أبا بَكرٍ قد سَبَقَك! أي: قد سَبَقَك أبو بَكرٍ يا عُمَرُ في تَبشيرِ ابنِ مَسعودٍ. فقال عُمَرُ: يَرحَمُ اللهُ أبا بَكرٍ، ما سَبَقتُه إلى خَيرٍ قَطُّ إلَّا سَبَقَني إليه! أي: أنَّ أبا بَكرٍ صاحِبُ سَبقٍ ومُبادَرةٍ، وكُلَّما حاولتُ أن أسبِقَه في الخَيرِ وجَدتُه قد سَبَقَني إليه
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ الدُّعاءِ في الصَّلاةِ أثناءَ القيامِ
وفيه فَضلُ عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه
وفيه فَضلُ أبي بَكرٍ وعُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما
وفيه مَشروعيَّةُ تَبشيرِ المُؤمِنِ بما يَحصُلُ له مِن خَيرٍ
وفيه مَشروعيَّةُ الدُّعاءِ بهذا الدُّعاءِ
وفيه سَبقُ أبي بَكرٍ إلى الخَيرِ