مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 590

مسند احمد

مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 590

حدثنا عفان، وحسن بن موسى، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حسن، عن عطاء، وقال عفان: حدثنا عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود، - قال حسن: إن ابن مسعود حدثهم، - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يكون قوم في النار ما شاء الله أن يكونوا، ثم يرحمهم الله، فيخرجهم منها، فيكونون في أدنى الجنة فيغتسلون في نهر يقال له: الحيوان، يسميهم أهل الجنة: الجهنميون، لو ضاف أحدهم أهل الدنيا لفرشهم، وأطعمهم، وسقاهم، ولحفهم، ولا أظنه إلا قال: ولزوجهم، - قال حسن: - لا ينقصه ذلك شيئا "

رَحْمةُ اللهِ بعِبادِه واسِعَةٌ، وقدِ ادَّخَرَ في الآخِرَةِ رَحَماتٍ كَثيرةً، فيُخْرِجُ بها مِنَ النارِ أَقْوامًا قد عُذِّبوا، ويُعْطيهم فَضْلًا عَظيمًا، كما يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم

في هذا الحديثِ: "يكونُ قَوْمٌ في النارِ ما شاءَ اللهُ أنْ يكونَوا"، أي: يَمكُثونَ في النارِ ما شاءَ اللهُ لهم؛ وذلك لِذُنوبٍ كانت عليهم، فيَدْخُلونَ بها النارَ تَطْهيرًا لهم، "ثم يَرْحَمُهم اللهُ فيَخْرُجونَ منها، فيَمْكُثونَ"، أي: يَظَلونَ ويَبْقونَ "في أَدْنى الجنَّةِ"، أي: في أَقَلِّ دَرَجاتِ الجنَّةِ، "في نَهَرٍ يُقالُ له"، أي: اسمه: "الحَيَوانُ" والحَيَوانُ بمَعْنى الحَياةِ كما في الرِّوايَةِ المُتَّفَقِ عليها من حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ: "فيُخْرِجُ أَقْوامًا قدِ امْتُحِشُوا، فيُلْقَوْنَ في نَهَرٍ بأفْواهِ الجنَّةِ، يُقالُ له: ماءُ الحياةِ، فينْبُتونَ في حافَّتَيْهِ كما تنبُتُ الحَبَّةُ في حَميلِ السَّيلِ، قد رأيْتُموها إلى جانبِ الصَّخْرةِ، وإلى جانِبِ الشَّجَرةِ، فما كان إلى الشَّمسِ منها كان أخْضَرَ، وما كان منها إلى الظِّلِّ كان أبْيَضَ، فيَخْرُجونَ كأنَّهم اللُّؤْلُؤُ، فيُجْعَلُ في رِقابِهم الخواتيمُ، فيَدْخُلونَ الجنَّةَ"، "لو أَضافَ أحَدُهم أهْلَ الدُّنْيا"، أي: لو اسْتَضافَ واحِدٌ من هَؤلاءِ، كُلَّ أهْلِ الدُّنْيا "لأَطْعَمَهم وسَقاهم" بتَقْديمِ الضِّيافَةِ من الطَّعامِ والشَّرابِ "ولَحَفَهم"، أي: كَفاهم وعَمَّهم، مما عندَه من نِعَمِ اللهِ ونَعيمِه الذي لا يُحْصى، قال عطاءُ بنُ السائِبِ أحَدُ رُواةِ الحَديثِ: "وأَحْسَبُه قال: "ولَزَوَّجَهم"، أي: أعادَ عليهم الضِّيافَةَ مرَّةً أُخرى، أو أعطاهم ما يَحتاجونَه بعدَ انْصِرافِهم مِن عندِه جرْيًا على عادَةِ الكِرامِ من أهْلِ الدُّنْيا، ويُؤيِّدُه رِوايَةُ المُخَلِّصياتِ: "وزَوَّدَهم"، "لا يَنْقُصُه ذلك شيئًا"، أي: معَ كُلِّ هذا العَطاءِ مِن نَصيبِ الواحِدِ منهم لكُلِّ أهْلِ الدُّنْيا، فإنَّه لا يَظهَرُ عندَه نَقْصٌ من النِّعَمِ والنَّعيمِ، وهذا يَدُلُّ على فَضْلِ اللهِ الذي لا يُحَدُّ ولا يُعَدُّ