مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 50
حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن نافع، عن نبيه بن وهب، قال:
أراد ابن معمر أن ينكح ابنه ابنة شيبة (2) بن جبير، فبعثني إلى أبان بن عثمان وهو أمير الموسم، فأتيته، فقلت له: إن أخاك أراد أن ينكح ابنه، فأراد أن يشهدك ذاك. فقال: ألا أراه عراقيا جافيا، إن المحرم لا ينكح ولا ينكح، ثم حدث عن عثمان بمثله يرفعه (3)
في هَذا الحَديثِ يَرْوي التَّابعيُّ نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ أنَّ التَّابعيَّ عُمرَ بنَ عُبيدِ اللهِ بنِ مَعمَرٍ أَرادَ أنْ يُزوِّجَ ابنَه طَلحةَ مِن بِنتِ شَيبةَ بنِ جُبيرٍ وهمْ مُحرِمونَ في الحجِّ، فأرادوا مِنَ التَّابعيِّ أبانَ بنِ عُثمانَ بنِ عفَّانَ أنْ يَحضُرَ العقدَ، وكانَ أبانُ حينئذٍ أمـيرًا على الحجِّ -وهو مَنصِبٌ ولقَبٌ كان يُطلَقُ على قائدِ قافلةِ الحجِّ-، فقال له أَبانُ: «أَلَا أُراكَ عِراقيًّا جافيًا»، أي: جاهلًا بالسُّنَّةِ،
وفي بعضِ الرِّواياتِ: «أعرابيًّا»، والأعرابيُّ: هو ساكنُ الباديةِ، وقيل: «عراقيًّا» هنا خطأٌ، إلَّا أنْ يكونَ قدْ عرَفَ مِن مَذهبِ أهلِ الكوفةِ حينئذٍ جَوازَ نِكاحِ المحرِمِ، فيَصِحُّ «عِراقيًّا»، أي: آخِذًا بمَذهبِهم، والجفاءُ هو الشِّدَّةُ في الخُلقِ مع الجهْلِ.
ثُمَّ أخبَرَهم أبانُ أنَّه سَمِعَ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضِي اللهُ عنه يَقولُ: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «لا يَنكِحُ المُحرِمُ»، أي: لا يَتزوَّجُ المحرِمُ بنفسِه، وفي روايةٍ في صَحيحِ مسلمٍ: «ولا يُنكِحُ»، أي: لا يُزوِّجُ الرَّجلُ امرأةً إمَّا بالوِلايةِ أو بالوِكالةِ؛ وَذلك لأنَّ المُحرِمَ في شُغلٍ عن مُباشرةِ عُقودِ الأَنكحَةِ؛ لأنَّ ذلكَ يُوجِبُ شُغلَ قلْبِه عنِ الإحسانِ في العِبادةِ؛ لِما فيهِ مِن خِطبةٍ ومُراوداتٍ، ودَعوةٍ واجْتِماعاتٍ.