مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 149
حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا قتادة، حدثنا رجل من بني سدوس، يقال له جري بن كليب، عن علي بن أبي طالب: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن عضباء الأذن والقرن " قال: فسألت سعيد بن المسيب فقال: " النصف فما فوق ذلك " (2)
الذَّبحُ للهِ تَعالى مِن شَعائرِ الإسلامِ، ويَنبَغي أنْ يكونَ ما يُقدِّمُه العَبدُ لِربِّه خاليًا مِن العُيوبِ الَّتي لا يَرضاها البَشَرُ لأنفُسِهم فيما يُقدَّمُ إليهم؛ فكيف بما يُقدَّمُ لِوَجهِ اللهِ تَعالى؟!وقد أوْضَحَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلِك،
كما في هذا الحَديثِ، حيثُ يذكُرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه:
"أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن عَضْباءِ الأُذنِ والقَرنِ"، يعني نهَى عنِ التَّضحيةِ بذَبيحةٍ فيها عيبٌ ظاهرٌ، وفيه أمْرٌ بأنْ تكونَ الذبيحةُ التي تُذبَحُ للهِ صَحيحةً وسالِمةً من العُيوبِ؛ فعَضْباءُ الأُذنِ هي المَقْطوعةُ أُذنُها، وعَضْباءُ القَرنِ، هي المَكسورُ قَرنُها.
قال قَتادةُ بنُ دِعامةَ مِن رُواةِ الحَديثِ: "فسأَلْتُ سَعيدَ بنَ المُسيِّبِ" -وهو مِن فُقهاءِ المدينةِ السَّبعةِ المَشهورِينَ بالعِلمِ والفَضلِ والإمامةِ في الدِّينِ- عن الحَدِّ الذي لا يَصِحُّ معَه التَّضحيةُ بالحَيوانِ، فقال سَعيدٌ: "النِّصفُ فما فوقَ ذلك"، فإذا كان نِصفُ أُذنِها مَقطوعًا، أو نصفُ قَرنِها مَكسورًا،
فلا يُضَحَّى بها، بل تُترَكُ، وتُجلَبُ سَليمةً كاملةَ الخِلقةِ.
وهذا بخِلافِ الَّتي لا أُذُنَ لها ولا قَرنَ خِلْقةً؛ فإنَّها تكونُ مع ذلك كامِلةَ الخِلْقةِ،
أمَّا ما قُطِعَت أُذُنُها أو كُسِرَ قَرنُها بسببِ المَرضِ،
أو التناطُحِ، أو بتَدخُّلِ الإنسانِ لوَسمِ الحَيواناتِ وتَعليمِها؛ فلا يُضَحَّى بها.